عليهالسلام ومناشدته ، ومن صريح أشعار حسان بن ثابت مع تقرير النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وأشعار قيس بن سعد بن عبادة ، ومن تصريحات كبار أئمة أهل السنة كما علمت آنفا.
وثانيا : إن نفي دلالة حديث الغدير على الامامة يساوق نفي دلالة « لا إله إلاّ الله » على التوحيد ، ويساوق نفي دلالة « محمد رسول الله » على الرسالة.
وثالثا : إن كلام ( الدهلوي ) هذا ينتقض بحديث خوخة أبي بكر المزعوم ، ذاك الحديث الذي جعلوه من أدلة خلافة أبي بكر ، فإنا نقول لمخاطبنا : إن لم يدل حديث الغدير على إمامة أمير المؤمنين عليهالسلام مع وجود تلك القرائن والشواهد فأيّ علاقة لحديث خوخة أبي بكر مع خلافته حتى جعلوه من أدلتها؟
قال القاري بشرح حديث : « لا تبقين في المسجد خوخة إلاّ خوخة أبي بكر » قال : « قال التوربشتي : وهذا الكلام كان في مرضه الذي توفي فيه في آخر خطبة خطبها ، ولا خفاء بأن ذلك تعريض بأن أبا بكر هو المستخلف بعده وهذه الكلمة إن أريد بها الحقيقة فكذلك ، لأن أصحاب المنازل اللاصقة بالمسجد قد جعلوا من بيوتهم مخترقا يمرّون فيه إلى المسجد أو كوة ينظرون إليها منه ، وأمر بسدّ جملتها سوى خوخة أبي بكر تكريما له بذلك أولا ، ثم تنبيها للناس في ضمن ذلك على أمر الخلافة حيث جعله مستحقا لذلك دون الناس.
وإن أريد به المجاز فهو كناية عن الخلافة وسد باب المقالة دون التطرق إليها والتطلع عليها ، والمجاز فيه أقوى ، إذ لم يصح عندنا أن أبا بكر كان له منزل بجنب المسجد ، وإنما كان منزله بالسنح من عوالي المدينة ، ثم إنه مهّد المعنى المشار إليه وقرّره بقوله : ولو كنت متخذا خليلا لاتخذت أبا بكر خليلا. ليعلم أنه أحق الناس بالنيابة عنه ، وكفانا حجة على هذا التأويل تقديمه إياه في الصلاة وإباؤه كلّ الإباء أن يقف غيره ذلك الموقف » (١).
__________________
(١) المرقاة في شرح المشكاة ٥ / ٥٢٤.