الذي أريد من النفي. ولو رفعت هذا جاز على «معنى آيتك أنك لا تكلم» ، ولو نصب الآخر جاز على أن تجعلها «أن» الخفيفة التي تعمل في الأفعال. ومثل ذلك (إنّه ظنّ أن لّن يحور) (١٤) [الانشقاق : الآية ١٤] وقال (تظنّ أن يفعل بها فاقرة) (٢٥) [القيامة : الآية ٢٥] وقال (إن ظنّا أن يقيما حدود الله) [البقرة : الآية ٢٣٠] وتقول : «علمت أن لا تكرّمني» و «حسبت أن لا تكرمني» فهذا مثل ما ذكرت لك. فإنما صار «علمت» و «استيقنت» ما بعده رفع لأنه واجب. فلما كان واجبا لم يحسن أن يكون بعده «أن» التي تعمل في الأفعال ، لأن تلك إنما تكون في غير الواجب ، ألا ترى أنك تقول : «أريد أن تأتيني» فلا يكون هذا إلا لأمر لم يقع ، وارتفع ما بعد الظن وما أشبهه لأنه مشاكل للعلم لأنه يعلم بعض الشيء إذا كان يظنه. وأما «خشيت أن لا تكرمني» فهذا لم يقع. ففي مثل هذا تعمل أن الخفيفة ولو رفعته على أمر قد استقر عندك وعرفته كأنك جريته فكان لا يكرمك فقلت : «خشيت أن لا تكرمني» أي : «خشيت أنّك لا تكرمني» جاز.
وزعم يونس (١) أن ناسا من العرب يفتحون اللام التي في مكان «كي» وأنشدوا هذا البيت فزعم أنه سمعه مفتوحا : [الوافر]
١٠١ ـ يؤامرني ربيعة كلّ يوم |
|
لأهلكه وأقتني الدّجاجا (٢) |
وزعم خلف (٣) أنها لغة لبني العنبر وأنه سمع رجلا ينشد هذا البيت منهم مفتوحا : [الطويل]
١٠٢ ـ فقلت لكلبيّي قضاعة إنّما |
|
تخبّر تماني أهل فلج لأمنعا (٤) |
يريد «من أهل فلج». وقد سمعت أنا ذلك من العرب ، وذلك أن أصل
__________________
(١) يونس : هو يونس بن حبيب البصري ، تقدمت ترجمته.
(٢) يروى البيت بلفظ :
تواعدني ربيعه كل يوم |
|
لأهلكها وأقتني الدجاجا |
والبيت بلا نسبة في شرح أبيات سيبويه ٥١ ، وخزانة الأدب ٤ / ٣٧٦.
(٣) خلف : هو خلف بن حيان ، أو محرز البصري المعروف بخلف الأحمر ، توفي سنة ١٨٠ ه ، صنف كتاب «خيال العرب ، وما قيل فيه من الشعر» (كشف الظنون ٥ / ٣٤٨ ، وانظر ترجمته في : مراتب النحويين ٤٦ ، طبقات النحويين ١٦١ ، نزهة الألباء ٣٧ ، إنباه الرواة ١ / ٣٤٨ ، بغية الوعاة ٢٤٢).
(٤) البيت لم أجده في المصادر والمراجع التي بين يدي.