فقد شكّ فى اصل حدوثه وما علم وجوده فقد علم ارتفاعه فانّ وجود الطبيعى
بالنّسبة الى الافراد كنسبة الآباء الى الابناء لا كنسبة الاب الواحد بالنّسبة الى
الابناء فوجود كلّ فرد منه نحو وجود له بحسب الدقّة وفهم العرف غير ما يكون له فى
ضمن فرد آخر ولذا يتّصف بالجزئيّة اذا كان فى موطن الخارج وفى ضمن الأفراد لا يقال
لا بدّ فى استصحاب الكلّى من القاء الخصوصيّات الفرديّة ومع القائها يكون الشكّ فى
البقاء كما هو الحال فى القسم الثانى حيث لا يكون الشكّ فيه فى البقاء الّا بعد
القائها ولحاظ الكلّى بما هو موجود والّا فبملاحظتها يكون الشكّ فى القسم الثانى
فى اصل الحدوث فانّ ما يقطع ببقائه على تقدير حدوثه لم يعلم حدوثه من اوّل الأمر
وبالجملة اذا كان رفع اليد فى القسم الثانى نقضا لليقين فليكن الرفع فى هذا القسم
ايضا كذلك فانّه يقال قياس المقام بالقسم الثانى ناش عن الغفلة عمّا اشرنا اليه
مرّتين وهو انّ وجودات الافراد هى بعينها وجود الطبيعى وانّها نفس الطبيعى فى
موطنه الخارجىّ حيث انّه فى هذا الموطن لا يكون الّا جزئيّا كما انّه فى موطن
الذّهن كلّى وليست نسبة المعنى الطبيعى الى افراده نسبة أب واحد الى اولاد كثيرين
كلّهم ينسبون اليه بان يكون الانسانيّة الكليّة انسانيّة واحدة بالعدد موجودة فى
كثيرين بحيث يكون بنفسه موجودا فى الخارج ويرد عليه الخصوصيّات ويصير بانضمام كلّ
قيد شخصا غير ما هو فى شخص آخر وهو موجود ثابت فى نفسه يمتاز وجوده عن وجودات قيوده
كما هو الحال فى الأب واولاده حيث انّه موجود بوجود يخصّه وبتحقّق كلّ واحد من
اولاده يتحقّق اضافة منه اليه وهو هو وكما فى الجسم بالقياس الى السواد والبياض
فإنّ الواحد العددى لا يتصوّر كونه فى امكنة كثيرة ولو كانت انسانيّة افراد النّاس
امرا واحدا بالعدد لزم كونه عالما جاهلا ابيض اسود متحرّكا ساكنا الى غير ذلك من
المتقابلات وهو ضرورىّ البطلان بل من الواضح أنّ نسبته مع الافراد كنسبة آباء الى
ابناء بمعنى انّ لكلّ واحد من افراد الانسان مثلا انسانيّة هى بالعدد غير ما للآخر
وامّا الانسان المشترك فهو فى الذهن وبهذا يظهر لك الفرق بين القسمين حيث انّ فى
القسم الثانى ليس الّا نحو وجود خاصّ للطبيعى وهو كونه موجودا بوجود وحدانىّ فلو
كان المشكوك باقيا على فرض القضيّة التعليقيّة لكان هو الفرد الحادث المعلوم ولو
رفعنا اليد عنه كان نقضا لليقين بالشكّ عقلا وعرفا وهذا بخلاف القسم الثالث فانّه
ان كان فى الزمان الثانى لكان غير المعلوم حدوثه بداهة ارتفاع ما تيقّن وجوده وعدم
معلوميّة حدوث ما شكّ فيه وقد علم ممّا ذكرنا بطلان التفصيل فى القسم الثالث ايضا
وتوضيحه مضافا الى ما تقدّم فى صدر الكلام انّ فى هذا القسم مع كون وجود كلّ فرد
من الطبيعى نحو وجود له عقلا وعرفا لا مصحّح للفرق بين ما اذا شكّ انّ الكلّى فى
الزّمان الاوّل كان موجودا بوجود واحدا واثنين وفى ضمن فرد او فردين وما اذا شكّ
انّه حين ارتفاع فرده الاوّلى وجد له فرد