امّا لا تعلّل كما عليه بعض وامّا انّ العلّة له هو عدم العلّة للوجود كما عليه آخرون فاذا علم بانتفاء شيء ممّا له دخل فى علّة الوجود فى زمان يقطع بالعدم فى ذلك الزّمان واذا شكّ فى ثانى الحال باعتبار الشّك فيما له دخل فى علّة الوجود ولم يعلم بتحقّق علّة الوجود والحدوث ولا بعدمه يستصحب العدم الاوّل فالمستصحب انّما هو العدم الأزليّ المطلق لا العدم المعلول لعلّة ومن هنا تعلم انّ العدم فى مورد حكم العقل يمكن ان يكون مستندا الى غير القضيّة العقليّة امّا بناء على انّ الاعدام لا تعلّل فواضح وامّا بناء على انّ علّته هو عدم العلّة للوجود فلانّ العدم يكون مستندا الى عدم علّة الوجود المنطبق على عدم المقتضى وعلى وجود المانع فبانتفاء احدى مقدّمات الوجود يحكم بالعدم وعليه فيمكن ان يحكم العقل فى مورد بالعدم من جهة المانع عن الوجود مع انّه فى الواقع يكون مستندا الى عدم المقتضى له ويكون حكم الشّارع ح بالعدم من هذه الجهة لا من الجهة الّتى بها حكم العقل به وليس هذا امرا مستحيلا وهذا بخلاف ما كان متعلّق الحكم وجودا فانّ العقل اذا حكم به من جهة لا يمكن ان يحكم به الشّارع من جهة اخرى لانّ العقل لا يحكم به الّا بعد اطّلاعه على جميع المقدّمات من وجود المقتضى وانتفاء المانع ومع القطع بحكم العقل به وفرض عدم خطائه اذا حكم الشّرع به من جهة اخرى يلزم اجتماع العلّتين على معلول واحد وهو محال.
قوله (الّا ان فى تحقّق الاستصحاب مع ثبوت الحكم بالدّليل العقلىّ) قد عرفت انّ الاستصحاب فى نفس حكم العقل الكاشف لا معنى له لانّ الحاكم لا يشكّ فى حكمه اصلا واذا لم يحكم فى الزّمان اللّاحق كما حكم فى الزّمان السّابق كان هذا كافيا فى القطع بعدم الحكم ولا معنى لاستصحاب حكمه وغرض المصنّف قدسسره فى المقام بيان عدم جريانه فى الحكم الشّرعى المستكشف من حكم العقل بالتّلازم قوله (فان قلت على القول بكون الاحكام الشرعيّة تابعة) وبعبارة اخرى اذا قيل انّ هذا منقوض بالحكم الشّرعى الثّابت ابتداء بالدّليل الشرعى اذ على القول بتبعيّة الاحكام الشرعيّة للمصالح والمفاسد الواقعيّة فكلّما حكم به الشرع حكم به العقل ايضا وهذا معنى قاعدة التلازم من الجانبين لانّه اذا حكم الشرع بحكم والمفروض انّ العقل يقطع بانّ ذلك لجهة واقعيّة وان لم يعلم بها تفصيلا حكم على طبقه لتلك الجهة والمناط المعلوم بالاجمال فالمناط فى الحكمين واحد واذا بنى على عدم تحقّق موضوع الاستصحاب فى الحكم الشّرعى المستكشف من الحكم العقلىّ لا بدّ من ان يبنى عليه ايضا فى الحكم الشّرعى الثابت ابتداء بالدّليل الشّرعى لعدم انفكاكه عن الحكم العقلىّ ايضا فالجواب ان بناء على حجيّة الاستصحاب من باب الظّن فهذا الكلام مسلّم اذ لا يعقل الفرق بين الحكمين لانّه لمّا كان الشّك فى الحكم دائما مسبّبا عن الشّك فى العلّة وقلنا بانّ الغلبة فى الموجودات بقاؤها على ما كانت وذلك يوجب الظّن ببقاء العلّة فى الحكم المشكوك او انّ نفس الوجود فى السّابق يوجب الظّن ببقاء العلّة