هذه الجهات الثلاث من لوازم ذات العلم وليس المجعول فى باب الامارات هو المؤدّى بحيث يتعلّق حكم بالمؤدّى غير ما له من الحكم الواقعى بل هو جهة كشفها وهو الجهة الثانية من جهات القطع وهو نفس الطريقيّة والمحرزيّة والوسطيّة فى الاثبات والكاشفيّة عن الواقع اى تتميم الكاشفيّة بعد ما كان فيها جهة كشف ناقص ليس ككاشفيّة العلم ومن هنا يعتبر فى كون الشّيء امارة ان يكون له فى حدّ ذاته جهة كشف والشّارع تمّم كشفه وجعله محرزا للواقع ووسطا لاثباته فكانّ الشّارع فى عالم التّشريع جعل الظنّ علما من حيث الكاشفيّة بلا تصرّف فى الواقع ولا فى المؤدّى بل المؤدّى باق بحاله من حكمه الواقعى صادفت الأمارة للواقع او خالفت لانّه يكون من مصادفة الطريق او مخالفته لذى الطريق من دون توسعة فى الواقع وتنزيل شيء منزلة الواقع بل المجعول هو نفس الطريقيّة والكاشفيّة الّتى كان القطع واجدا لها بذاته والظّن يكون واجدا لها بالتعبّد والجعل الشّرعى وقلنا بأنّ المجعول فى الأصول التنزيليّة اى المتكفّلة لتنزيل المؤدّى منزلة الواقع كالاستصحاب وقاعدة التّجاوز هى الجهة الثّالثة من العلم وهو الجرى والبناء العملى على الواقع من دون ان يكون هناك جهة كشف وطريقيّة فالجرى العملى والبناء على ثبوت الواقع الّذى كان فى العلم قهرا ثبت فى الأصول تعبّد فيكون المجعول فى باب الطّرق والأمارات والاصول فى طول الواقع لا فى عرضه وليس للشّارع حكمان حكم واقعىّ وحكم ظاهرىّ ويكون المراد من كون مؤدّيات الطّرق والاصول احكاما ظاهريّة هو كونها مثبتة للواقع عند الجهل والحكم بانّ مؤدّياتها هو الواقع لمكان كونها محرزة له ولا يلزم ما ذكر من الجمع بين اللّحاظ الآلى والاستقلالي فى قيامها مقام القطع المأخوذ فى الموضوع على وجه الطريقيّة لانّ بناء على عدم جعل المؤدّى وكون المجعول هو نفس الكاشفيّة يكون الواقع لدى من قامت عنده الامارة محرزا كما كان فى صورة العلم والمفروض انّ الاثر مترتّب على الواقع المحرز فانّ ذلك هو لازم اخذ العلم من حيث الكاشفيّة موضوعا وبنفس دليل حجّية الأمارات والاصول يكون الواقع محرزا فتقوم مقامه بلا التماس دليل آخر وكما يرتفع على هذا المبنى محذور اجتماع اللّحاظين فكذا يرتفع محذور الدّور ايضا اذ لا تنزيل اصلا وانّما تمّم الشارع الكاشفيّة النّاقصة الّتى كانت للأمارة الظّنّية تعبّدا وجعلها كالقطع واعطاها صفة المحرزيّة قلت إنّ مجرّد جعل الطريقيّة لا يرفع اشكال اجتماع اللّحاظين اذ ليس هناك الّا مجرّد جعل الظّن طريقا الى متعلّقه والمفروض انّه لا اثر شرعى للمتعلّق وحده وانّما هو جزء للموضوع المركّب منه ومن القطع فالاثر مترتّب على الأحراز القطعى بمعنى انّ المكشوف بالقطع موضوع للاثر الشّرعى والظّن الّذى لا يكون الّا كشفا ناقصا بتعلّق الجعل الشّرعى بطريقيّته لا يصير قطعا وكشفا تامّا تكوينا كى يصير الموضوع للأثر متحقّقا ومن هذا البيان يظهر انّ انكار كون المجعول حكما على طبق المؤدّى ودعوى انّ المجعول هو مجرّد الطريقيّة وتتميم جهة الكشف لا يرفع اشكال الدّور ايضا لما عرفت من انّ الأمارة تقوم على متعلّق القطع سواء قلنا بانشاء حكم على طبق المؤدّى ام