فهو محتمل على القول بتبعيّة الاحكام للمصالح والمفاسد الكامنتين فى الأفعال فانّه اذا احتملنا الحرمة او الوجوب فى شيء فيكون المحتمل هى الحرمة بعللها والوجوب بعلله فيكون احتمال الوقوع فى مفسدة فعل الحرام او ترك الواجب كاحتمال نفس الحرمة والوجوب ومع هذا الاحتمال يقرّر الدليل بانّ الصغرى للكبرى الكلّى محقّق فيجب بحكم العقل الاحتياط ويجاب أوّلا بمنع تبعيّة الاحكام لخصوص المصالح والمفاسد الكامنتين فى الاشياء بل يمكن تبعيّتها لمصالح فى الامر بها او النّهى عنها فلا ملازمة بين احتمال الحرمة واحتمال المفسدة فى المنهىّ عنه مثلا ولا يلزم احتمال ضرر فى ارتكاب الفعل المشتبه حتّى يكون صغرى لهذه القاعدة وثانيا لو سلّمنا كون الأحكام تابعة لخصوص المصالح والمفاسد الكامنتين فى نفس الأشياء فنمنع من ارجاع المصالح والمفاسد الى الضّرر فانّ المفسدة وعدم ادراك المصلحة لا يكون من الضّرر لوضوح انّ المشتمل على المصلحة هو نفس الفعل فهى علّة لإنشاء الوجوب ولا يلزم ان يكون فى تركها ضرر وامّا المفسدة فهى ايضا ليست من المضارّ بوجه بل هى عبارة عن خصوصيّة فى الفعل موجبة للنّهى عنه ويوضح كون المفسدة فى النواهى غير الضّرر انّك عند التفات القوّة العاقلة الى خصوصيّة فى الشّيء ربما تنهى عن الشيء مع انّ تلك الخصوصيّة لا يعدّ ضررا فكما انّ سائر القوى كالباصرة والسّامعة ربما يحسن شيئا ممّا ابصره وسمعه ويعجبه وربما ينكر شيئا ويستكرهه فكذلك العاقلة ربما تدرك من بعض الافعال خصوصيّة فيعجبها وتأمر به لذلك وربما تدرك من بعض آخر خصوصيّة فتنكرها فتنهى عنه ومن المعلوم عدم كون تلك الخصوصيّات المدركة من باب الضّرر فكون المفسدة ضررا ممنوع فى غالب المناهى كمال المنع والّا لزم ان يكون ارتكاب المناهى جائزا عند عدم الضّرر وثالثا لو سلّمنا كون المفاسد وفوت المصالح ضررا فلا يلزم ان يكون الضرر على هذا الشخص لانّ المدار فى النواهى على الضرر النوعى وفى الأوامر على المصلحة النوعيّة واكثر الأوامر فى باب المعاملات وبعض ابواب العبادات كالجهاد والخمس والزكاة من جهة المصلحة النوعيّة نعم ربما يكون فى بعض الموارد مناط الحكم النفع والضّرر الشخصى وهو قليل جدّا ورابعا أنّ الشبهة من هذه الجهة اى ثبوت مضرّة غير العقاب تكون موضوعيّة ولا يجب الاحتياط فيها باعتراف الأخباريّين وقد يقال انّ هاهنا قاعدة اخرى من العقل تكون بيانا لوجوب الاحتياط وهى قاعدة قبح الاقدام على ما لا يؤمن من مفسدته فكما انّ مع العلم بالمفسدة فى مورد يكون الأقدام عليه والاقتحام فيه قبيحا عند العقل فكذلك فيما لا يؤمن منها ومع جريان هذه القاعدة يكون العقاب مع البيان فيجب الاحتياط اذ لا مؤمّن ح ومع عدم المؤمّن من العقل والنقل بل مع دلالة العقل على قبح الاقدام لا مجال للبراءة ولكن من الواضح عدم استقلال العقل بذلك ونحن متى راجعنا وجداننا وديدن العقلاء لا نرى للعقل حكما بذلك ونريهم ايضا لا يعبئون بما يحتمل فيه المفسدة ولا يعاملون معه معاملة ما علم مفسدته ويدلّ على هذا انّ