بوجوده الحقيقى لا يتّصف بالآليّة والاستقلاليّة فانّه فان فى متعلّقه وليس الملحوظ الّا المقطوع وليس القطع شيئا وراء لحاظ المقطوع إلّا أنّ الكلام ليس فى ذلك بل فى ماهيّة القطع الموجود بوجوده الذّهنى عند الحاكم حين اخذه موضوعا لحكم وتكون تلك الماهيّة المتصوّرة ملحوظة وما بها ينظر امّا الى القطع بما هو مرآة للخارج وامّا اليه بنفسه فلا تغفل الثّانى انّ فى مقام تنزيل الظنّ منزلة القطع لا بدّ من لحاظ الحاكم لماهيّتهما ولا يمكن جعل الماهيّتين ما بها ينظر على وجه المرآتيّة وما بها ينظر اليهما بنفسهما على وجه الاستقلال ويمتنع الجمع بين اللحاظين توضيح ذلك انّه لا بدّ فى الامور التنزيليّة من اعتبار أمور الأوّل المنزّل والثّانى المنزّل عليه والثّالث ما به التّنزيل وفى الوجه المذكور يكون كلّ من هذه الثلاثة اثنين ومن الواضح ح تغاير التنزيلين واذا كان فى الخطاب الواحد جامع يكون بمفهومه العامّ متكفّلا لهذين التنزيلين فلا بأس به وامّا اذا لم يكن جامع كذلك فلا وجه لدعوى الامكان فضلا عن الوقوع لانّ الوجود الواحد لا يعقل ان يكون مجمعا لاثنين ولا يكاد يمكن سوق دليل الجعل كقوله صدّق العادل والق احتمال الخلاف الدالّ على اتمام الطريقيّة تعبّدا الى كلا اللحاظين.
فان قلت إذا دلّ الدّليل على اتمام جهة كشف ذاك الكاشف النّاقص وكان بالتعبّد كاشفا تامّا ثبت له ما للكاشف التامّ الحقيقى ويقوم مقامه ويفيد فائدته فكما انّه يقوم مقام القطع الطريقى ويؤثّر أثره كان اللّازم ايضا ان يقوم مقام القطع الموضوعى الماخوذ على جهة الكشف ويؤثّر اثره ومن هذه الجهة المشار اليها وهى اتمام جهة كشفه بالتّعبد وصيرورته كالكاشف الحقيقى لا يفيد فائدة القطع المأخوذ فى الموضوع بنحو الصفتيّة حيث انّ دليل الاعتبار لم يفد الّا فى جهة كشفه والقطع المأخوذ كذلك موضوع كسائر الموضوعات ودليل الاعتبار لم يتعرّض لكون هذا الكاشف ايضا موضوع لذلك الحكم الآخر حتّى يفيد فائدته قلت المهمّ فى مقام التنزيل امّا ان يكون تنزيل المؤدّى منزلة الواقع بحيث لا يكون الملحوظ فى التّعبد باتمام الطريقيّة الّا تنزيل المخبر به منزلة الواقع وامّا ان يكون تنزيل نفس الخبر بمنزلة القطع بحيث لا يكون الملحوظ الّا ذلك والمفروض عدم قيام دليل الّا ما دلّ على اتمام الطريقيّة والقاء احتمال الخلاف ومع انحصار الدّليل بما يدلّ على اتمام جهة الكشف كيف يمكن لحاظ معنى آخر معه وقد اتّضح لك ممّا ذكرنا انّ الاشكال فى قيام الأمارة بدليل اعتباره الدالّ على اتمام جهة الطريقيّة والقاء احتمال الخلاف مقام القطع المأخوذ فى الموضوع على وجه الكشف انّما هو لزوم لحاظ الامور الثّلاثة المتقدّمة فى التنزيل ولو لا هذا الاشكال ولم يكن اللّحاظ المذكور لازما امكن قيام الأمارة بدليل واحد دالّ على القاء احتمال الخلاف مقام القطع بتمام اقسامه حتّى فيما اخذ فى الموضوع بنحو الصفتيّة بكلا قسميه حيث انّه يكفى فى ذلك انشاء الالتزام بالأمارة والتعبّد بها كالقطع فى جميع ما له من الآثار وامّا مع