الشرعيّة بالنظر الى الدليل الرّابع فى حجيّة مطلق الظّن بيانه أنّ تحصيل العلم بمعانى الكلمات الّتى اوردها اللغويّون فى كتبهم غير ممكن لنا وقد اشتمل الكتاب والسنّة على كثير منها وهذا وان لم يثبت به اعتبار الظّن فى الاحكام الشرعيّة الحاصلة من الكتاب والسنّة اذا كان الظّن راجعا الى اصل الصّدور وجهته الّا انّه يثبت به الاعتبار من حيث الظّن الدّلالى من جهة الوضع خاصّة فلا يتوقّف تماميّة هذا الدّليل على تماميّة دليل الانسداد الآتى ولا ضير فى ذلك فانّك تريهم كثيرا ما يستدلّون بقاعدة الانسداد فى بعض الموارد الخاصّة مع انكارهم لحجيّة الظّن المطلق منها تمسّكهم بها فى باب التّعادل والتّرجيح فإن قلت إنّ الظّن المطلق المدّعى ثبوت حجيّة بدليل الانسداد الكبير هو الظّن الشخصىّ الفعلى وقول اللغوى لو افاد الظّن لأفاده بالنّوع قلت الكلام هنا فى افادة قول اللغوى فى نفسه الظّن بالظهور بلا ملاحظة وجود معارض له ولا شكّ انّ الظّن من حيث الوضع لو لم يعارضه امارة اخرى كالشّهرة ونحوها يفيد الظّن الفعلى ايضا نعم بين الظّن المطلق وهذا الظّن فرق وهو انّ دليل الانسداد فى الاوّل يثبت حجيّة كلّ ظنّ تعلّق بالحكم الفرعى بلا واسطة كالظنّ الحاصل بالحكم بواسطة الشّهرة او الاجماع المنقول وهذا بخلاف الظّن الحاصل من قول اللغوىّ فى باب الالفاظ فانّ حصول الظّن بالحكم حينئذ يحتاج الى مقدّمات اخرى ايضا كملاحظة اشتمال الفاظ الكتاب والسنّة عليها وثبوت صحّة سندها وغير ذلك من المقدّمات المحتاج اليها فى تحصيل الظّن بالحكم ومراد الشارع فلا يحصل من قول اللغوىّ مثلا الظّن بالحكم بلا واسطة ويكون المثبت للحكم هو الظّن الحاصل من مجموع تلك المقدّمات او من المقدّمة الأخيرة والظّن الحاصل من قول اللّغوى يكون جزء علّة لحصول الظّن بالحكم بلا واسطة وهو الظّن الحاصل بعد ترتيب المقدّمة الأخيرة فلا تغفل ثالثها اتّفاق العلماء على الرّجوع الى قول اهل اللّغة فى استعلام اللّغات والاستشهاد باقوالهم فى مقام الاحتجاج ولم ينكر ذلك احد على احد وقد حكى عن السّيد دعوى الاجماع عليه بل ظاهر كلامه المحكىّ اتّفاق المسلمين عليه وانّك لترى اعاظم اصحاب الفقه يذكرون اللّفظ كثيرا ويقولون انّه لغة كذا وعرفا كذا ويستندون الى ذلك فى معرفة الحكم حتّى انّ بعضهم اورد فى بعض المقامات بعد ذكر المعنى اللغوىّ والعرفىّ انّ النّسبة بينهما عموم من وجه ولا اشكال فى مادّة الاجتماع ويقع الاشكال فى تقديم احد المعنيين عند الافتراق وبالجملة فالإجماع العملى المقطوع به من الكلّ والاجماع القولى المنقول من اكابر الاصحاب موجود ولا يصحّ إنكاره والجواب امّا عن الاوّل فبمنع الصّغرى اوّلا وذلك لعدم كون اللغوىّ من اهل الخبرة فى باب الاوضاع بداهة كون مرامه ومقصده ضبط موارد الاستعمالات فلا يعرف بالرّجوع اليه المعنى الحقيقى من المجازى واللّغوى وغيره فى تعيين ذلك سواء حيث يحتاج فى تشخيصهما الى اعمال ملاكهما ومن المعلوم عدم اختصاصه به وليس هو الّا كغيره وكون المذكور فى كتب اللغة هى المعانى الحقيقيّة دعوى يكذّبها العلم واليقين وكون المعنى المذكور اوّلا هو الحقيقى مجرّد احتمال لا شاهد عليه ومنع الكبرى ثانيا بمنع كون الرّجوع الى اهل الخبرة من حيث مجرّد كونهم من اهل الخبرة بل حجيّة قولهم