المعوّل عند عدم الدّليل على وقوع التعبّد بغير العلم فنقول انّ التعبّد بالظنّ الّذى لم يدلّ دليل على وقوع التعبّد به حرام بالأدلّة الأربعة ويكفى من الكتاب قوله تعالى قل (آللهُ أَذِنَ لَكُمْ أَمْ عَلَى اللهِ تَفْتَرُونَ) دلّ على انّ ما ليس باذن الله من استناد الحكم الى الشّارع فهو افتراء ومن السنّة ما روى عن مولانا الصّادق ع من انّه قال القضاة اربعة ثلاثة فى النّار وواحدة فى الجنّة رجل قضى بجور وهو يعلم به فهو فى النّار ورجل قضى بجور وهو لا يعلم انّه قضى بجور فهو فى النّار ورجل قضى بالحقّ وهو لا يعلم فهو فى النّار ورجل قضى بالحقّ وهو يعلم فهو فى الجنّة ومن الإجماع ما ادّعاه الفريد البهبهانى فى بعض رسائله من كون عدم الجواز بديهيّا عند العوام فضلا عن العلماء ومن العقل تقبيح العقلاء من يتكلّف من قبل مولاه بما لا يعلم بوروده عن المولى ولو كان عن جهل مع التّقصير وقد استدلّوا أيضا بالآيات النّاهية عن العمل بالظنّ فحرمة التعبّد والالتزام والتديّن بمؤدّى غير العلم من ضروريّات العقل فضلا عن تطابق الادلّة الثلاثة النقليّة عليه هذا كلّه مع انّ ما لم يعلم اعتباره بالخصوص شرعا ولم يحرز التعبّد به واقعا عدم حجيّته عند العقل جزما بمعنى عدم ترتّب الآثار المرغوبة من الحجّة عليه قطعا فانّها لا تكاد تترتّب الّا على ما اتّصف بالحجيّة فعلا ولا يكاد يكون الاتّصاف بها الّا اذا احرز التعبّد به وجعله طريقا متّبعا ضرورة انّه بدونه لا يصحّ المؤاخذة على مخالفة التّكليف بمجرّد اصابته ولا يكون عذرا لدى مخالفته مع عدمها ولا يكون مخالفته تجرّيا ولا موافقته بما هى موافقة انقيادا وان كانت بما هى محتملة لموافقة الواقع كذلك اذا وقعت برجاء اصابته فمع الشّك فى التعبّد به يقطع بعدم حجيّته وعدم ترتيب شيء من الآثار عليه للقطع بانتفاء الموضوع معه فمجرّد عدم العلم بالحجيّة كاف فى الحكم بعدمها والحاصل انّ التعبّد بشيء مع الشّك فى رضاء الشارع بالعمل به فى الشريعة تعبّد بالشّك وهو باطل عقلا ونقلا وما خرج أو قيل بخروجه عن هذا الاصل من الأمور الغير العلميّة الّتى اقيم الدّليل على اعتبارها يطلب من الكتب المدوّنة فى اصول الفقه الامر الخامس نسب الى بعض العامّة كالعقال وابن شريح وابى الحسين البصرى ايجاب التعبّد بخبر الواحد او بمطلق الامارة على الله تعالى بمعنى قبح تركه منه فى مقابل ما نسب الى ابن قبة ومستندهم على ما حكى وجهان احدهما انّ ترك العمل بخبر الواحد مظنّة للضّرر ودفع الضّرر المظنون واجب عقلا ثانيهما أنّه لو لم يجب العمل بخبر الواحد للزم خلوّ اكثر الوقائع عن الحكم واللّازم قبيح فكذا المقدّم والقبيح محال على الحكيم تعالى هذا والعنوان فى كلامهم وان كان مخصوصا بخبر الواحد الّا انّ قضيّة دليلهم التّعميم كما لا يخفى ويرد على الاوّل إنّه إن أريد إثبات ذلك حيث يعلم بقاء التّكليف وانسداد باب العلم وغيرهما من مقدّمات دليل الانسداد فهو حسن على ما عليه المشهور من انتاجها حجيّة الظّن