أقول :
فإذا لم يكن إنكار ابن مسعود المعوّذتين قادحا في تواترهما وقرآنيّتهما ، فإنّ قدح مثل أبي حاتم وغيره في حديث الغدير ، لا يكون قادحا في تواتره قطعا ، كيف والحال أن أبا حاتم وأمثاله لا يبلغون في الشرف والكرامة مرتبة تراب أقدام ابن مسعود!! بل إنّ غبار أنف فرس ابن مسعود مع رسول الله ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ أفضل من أبي حاتم وأمثاله ، حسب ما نقله ابن حجر المكي في تفضيل معاوية على عمر بن عبد العزيز.
النقض بموقف بعضهم من حديث انشقاق القمر
وأيضا : فإنّ كان إنكار أبي حاتم ومن حذا حذوه حديث الغدير يضرّ في تواتره ، كان إنكار بعضهم حديث انشقاق القمر موجبا للقدح في تواتر هذه المعجزة العظيمة والكرامة الباهرة الثابتة ـ لرسول الله ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم فقد جاء في ( نهاية العقول ) للرازي أنّ « الحليمي » قد منع وقوع انشقاق القمر. و « الحليمي » من أكابر علماء أهل السنّة ومن فطاحل أئمّتهم ، كما لا يخفى على من راجع تراجمه في معاجم التراجم المعتبرة (١).
لكن حديث انشقاق القمر متواتر قطعا :
قال الشهاب القسطلاني : « وقال ابن عبد البرّ : قد روي هذا الحديث ـ يعني حديث انشقاق القمر ـ عن جماعة كثيرة من الصحابة ، وروى ذلك عنهم أمثالهم من التابعين ، ثم نقله الجمّ الغفير إلى أن انتهى إلينا وتأيّد بالآية الكريمة. انتهى.
__________________
(١) الأنساب الحليمي ، وفيات الأعيان ٢ / ١٣٧ ، مرآة الجنان ـ حوادث سنة ٤٠٣ طبقات الأسنوي ١ / ٤٠٤.