وأحمد بن خالد الحباب ، ثم قال أبو علي : ولم يكن ابن عبد البر بدونهما ولا متخلّفا عنهما ، وكان من النمر بن قاسط ، طلب وتقدم ولزم أبا عمر أحمد بن عبد الملك الفقيه ، ولزم أبا الوليد بن الفرضي ودأب في طلب الحديث وافتتن به وبرع براعة فاق بها من تقدّمه من رجال الأندلس ، وكان مع تقدمه في علم الأثر وبصره بالفقه والمعاني له بسطة كبيرة في علم النسب والأخبار ، جلا عن وطنه فكان في الغرب مدة ثم تحول إلى شرق الأندلس.
قلت : كان إماما دينا ثقة متقنا علامة متبحرا ، صاحب سنة واتباع ، وكان أولا أثريا ظاهريا فيما قيل ، ثمّ تحوّل مالكيا مع ميل بيّن إلى فقه الشافعي في مسائل ، ولا ينكر له ذلك ، فإنه ممن بلغ رتبة الأئمّة المجتهدين ، ومن نظر في مصنّفاته بان له منزلته من سعة العلم وقوة الفهم وسيلان الذهن.
قال أبو القاسم ابن بشكوال : ابن عبد البر إمام عصره ، واحد دهره ، قال أبو علي ابن سكرة : سمعت أبا الوليد الباجي يقول : لم يكن بالأندلس مثل أبي عمرو ابن عبد البر في الحديث ، وهو أحفظ أهل المغرب.
مات أبو عمر ليلة الجمعة سلخ ربيع الآخر سنة ثلاث وستّين وأربعمائة ، واستكمل خمسا وتسعين سنة وخمسة أيام ، رحمهالله.
قلت : كان حافظ المغرب في زمانه ، وفيها مات حافظ المشرق أبو بكر الخطيب » (١).
الحديث العاشر
وهو حديث شريك في قصة الأسراء. أخرجه البخاري ومسلم ، قال
__________________
(١) سير أعلام النبلاء. وتوجد ترجمته أيضا في : تاريخ ابن كثير ١٢ / ١٠٤ ، مرآة الجنان ٣ / ٨٩ وفيات الأعيان ٢ / ٤٥٨ ، شذرات الذهب ٣ / ٣١٤ ، تذكرة الحفاظ ٣ / ٣٠٦ ، طبقات السبكي ٤ / ٨ ، النجوم الزاهرة ٥ / ٧٧ المنتظم ٨ / ٣٤٢.