تركت حديثه إلاّ لله أشهد أنه كذّاب. قلت : والكلام فيه كثيرا جدّا. وقد قال أبو بكر الخطيب : قد احتج بروايته في الأحكام قوم من أهل العلم وصدف عنها آخرون » (١).
ولو كان ابن إسحاق ثقة بالإجماع ، لما كان سكوته عن رواية حديث من الأحاديث مطلقا موجبا للقدح ، فكيف والحال هذه!؟
والخلاصة
إنه لم يبق ريب في شناعة تمسك الرازي بعدم نقل البخاري ومسلم والواقدي وابن إسحاق ، بعد الوقوف على وجوه الجواب التي قدمنا ذكرها في الفصول المتقدمة ، وقد ثبت لدى أصحاب النظر وذوي الإمعان والتدبر ، أنه لو أعرض مائة رجل كهؤلاء الأربعة عن حديث الغدير ، لم يكن إعراضهم قادحا في تواتره ولا صحته ، بحال من الأحوال. كيف؟ وللتواتر شروط متى اجتمعت في حديث حكم بتواتره البتّة ، وليس من الشروط عدم سكوت هؤلاء أو أمثالهم عن ذلك الحديث ، وعلى من ادعى ذلك إقامة الدليل والبرهان.
نعم إن السبب الوحيد لترك هؤلاء رواية حديث الغدير ، إنما هو التعصّب والانحياز عن أهل البيت الطاهرين ، حتى يأتي من بعدهم الرازي وغيره ، فيقول في رد هذا الحديث : لم يخرجه فلان وفلان ... ولكنّ أبا زرعة الحافظ الامام أغلظ للبخاري ومسلم القول ، لئلاّ يتذرع بهما أحد ويتمسك بكتابيهما ... فبطلت ظنون القوم وخابت آمالهم ... والحمد لله رب العالمين.
__________________
(١) عيون الأثر ١ / ١٠ ـ ١٣.