بعون الله تعالى » (١).
وقال السيوطي بعد أن ذكر أحاديث في مسألة جزئية البسملة من كل سورة : « فهذه الأحاديث تعطي التواتر المعنوي بكونها قرآنا منزلا في أوائل السور ، ومن المشكل على هذا الأصل ما ذكره الامام فخر الدين ، قال : نقل في بعض الكتب القديمة أن ابن مسعود كان ينكر كون سورة الفاتحة والمعوّذتين من القرآن ، وهو في غاية الصعوبة ، لأنا إن قلنا أن النقل المتواتر كان حاصلا في عصر الصحابة بكون ذلك من القرآن ، فإنكاره يوجب الكفر ، وإن قلنا لم يكن حاصلا في ذلك الزمان ، فيلزم أن القرآن ليس بمتواتر في الأصل. قال : والأغلب على الظن أن نقل هذا المذهب عن ابن مسعود نقل باطل وبه يحصل الخلاص عن هذه العقدة ، وكذا قال القاضي أبو بكر لم يصح عنه أنها ليست بقرآن ولا حفظ عنه ، إنّما حكّها وأسقطها من مصحفه إنكارا لكتابتها لا جحدا لكونها قرآنا ، لأنّه كانت السنّة عنده أن لا يكتب في المصحف إلاّ ما أمره النبي ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ بإثباته فيه ولم يجده كتب ذلك ولا سمعه أمر به.
وقال النووي في شرح المهذّب : أجمع المسلمون على أن المعوذتين والفاتحة من القرآن ، وأن من جحد منها شيئا كفر ، وما نقل عن ابن مسعود باطل ليس بصحيح.
وقال ابن حزم في المحلى : هذا كذب على ابن مسعود ، موضوع ، وإنما صح عنه قراءة عاصم عن زرّ عنه ، وفيه المعوّذتان والفاتحة.
وقال ابن حجر في شرح البخاري : قد صح عن ابن مسعود إنكار ذلك ، فأخرج أحمد وابن حبان عنه أنه كان لا يكتب المعوذتين في مصحفه ، وأخرج عبد الله بن أحمد في زيادات المسند والطبراني وابن مردويه من طريق الأعمش عن أبي إسحاق عن عبد الرحمن بن يزيد النخعي ، قال : كان عبد الله بن مسعود يحك
__________________
(١) فتح الباري في شرح صحيح البخاري ٨ / ٦٠٣ ـ ٦٠٤.