ولقد ناقض الشيخ نور الدين علي بن سلطان الهروي القاري نفسه وجاء بكلمات متهافتة حول حديث الغدير ، فقال مرّة :
« ثمّ هذا الحديث مع كونه آحادا مختلف في صحته ، فكيف ساغ للشيعة أن يخالفوا ما اتفقوا عليه اشتراط التواتر في أحاديث الامامة ، ما هذا إلاّ تناقض صريح وتعارض قبيح؟! » (١).
فهو هنا يزعم كونه آحادا وأنه مختلف في صحّته لدى العلماء ، والحال أنه قد ذكر قبل هذا الكلام بقليل : « والحاصل أن هذا حديث لا مرية فيه ، بل بعض الحفّاظ عدّه متواترا ، إذ في رواية لأحمد أنه سمعه من النبي ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ ثلاثون صحابيا وشهدوا به لعلي لما نوزع أيام خلافته » (٢).
فهل من الإنصاف دعوى كونه آحادا مختلفا في صحته مع الاعتراف بأنه صحيح لا مرية فيه ، بل بعض الحفاظ عدّه متواترا ...؟
وقال في موضع آخر : « رواه أحمد في مسنده ، وأقلّ مرتبته أن يكون حسنا ، فلا التفات لمن قدح في ثبوت هذا الحديث » (٣).
فأيّ تحقيق هذا؟ وأيّ إنصاف هذا؟ وأيّ ضبط هذا؟ أن يتلون الرجل في كتاب واحد حول حديث واحد ، ما هذا إلاّ تناقض صريح وتعارض قبيح!! ولو فرض عدم تواتر هذا الحديث عند أهل السنة ، لصحّ استدلال الشيعة به بلا ريب لوجهين :
الأول : لكونه متواترا لدى الشيعة ، واعتضاده بروايات المخالفين يفيد القطع واليقين.
__________________
(١) المرقاة ٥ / ٥٧٤.
(٢) نفس المصدر ٥ / ٥٦٨.
(٣) نفس المصدر ٥ / ٥٧٤.