مثالب الغير ، فعندهم محبّ علي من كان مبغض الصحابة ، وبهذا المعنى يمكن أن يكون الجاحظ عدوا ».
هذا ، ولكن كلام ( الدهلوي ) الذي نقلناه سابقا ، يكفي دليلا على كذب ابن روزبهان وبطلان تكذيبه العلامة الحلي طاب ثراه.
وجاء بعده رشيد الدين خان الدهلوي منكرا ما ثبت من عداوة الجاحظ لأمير المؤمنين ـ عليهالسلام ، فقال ـ بعد أن ذكر كلام ابن روزبهان المتقدم ـ :
« وأما ما وصف العلامة الحلي أبا عثمان الجاحظ المعتزلي من كونه من أشدّ الناس عدواه لأمير المؤمنين ، ثم نقله فضائله من رسالة الجاحظ الغرّاء التي صنفها في مناقب أمير المؤمنين ، فإنه ممّا يحيّر الناظر النبيه ، لأنّ الشريف الرضي قال في نهج البلاغة بعد الخطبة التي أوّلها :
يا أيّها الناس إنا قد أصبحنا في دهر عنود ، وزمن شديد يعدّ فيه المحسن مسيئا ، ويزداد الظالم فيه عتوا ـ إلخ. قال الرضي : ربما نسبها من لا علم له إلى معاوية ، وهو كلام أمير المؤمنين الذي لا شك فيه ، وأين الذهب من الرغام والعذاب من الأجاج؟
وقد دل على ذلك الدليل الخريّت ، ونقده الناقد البصير عمرو بن بحر الجاحظ ، فإنه ذكر هذه الخطبة في كتاب البيان والتبيين ، وذكر ما نسبها إلى معاوية ، ثم تكلّم من بعدها بكلام في معناها ـ إلخ.
وكلام الشريف الرضي هذا نص على مهارة الجاحظ ومعرفته بكلام أمير المؤمنين ، حتى أن صاحب نهج البلاغة ينسب هذه الخطبة اليه اعتمادا على نسبة عمرو بن بحر الجاحظ إيّاها في كتابه اليه ، فجعل من كان ناقدا بصيرا في كلام أمير المؤمنين ومعتمدا لدى الرضي بل دليلا لذلك ، من أعظم الناس عداوة لأمير المؤمنين ، فاسد ناشئ من العدوان ومخالف للعدل والإنصاف.