« فإذا كانت هذه مراتب الصحابة عند أهل السنة ، كما دلّ عليه الكتاب والسنة ، وهم متفقون على تأخر معاوية وأمثاله من مسلمة الفتح ، ممن أسلم بعد الحديبية ، وعلم تأخر هؤلاء عن السابقين الأولين أهل الحديبية ، وعلم أن البدريين أفضل من غير البدريين ، وأن عليا أفضل من جماهير هؤلاء ، لم يقدّم عليه أحدا غير الثلاثة ، فكيف ينسب إلى أهل السنة تسويته بمعاوية أو تقديم معاوية عليه؟
نعم ، مع معاوية طائفة كثيرة من المروانية وغيرهم ، كالذين قاتلوا معه وأتباعهم ، يقولون إنه كان في قتاله على الحق مجتهدا مصيبا ، وإنّ عليّا ومن معه كانوا ظالمين أو مجتهدين مخطئين ، وقد صنّف لهم في ذلك مصنفات مثل كتاب المروانية الذي صنفه الجاحظ » (١).
وقال ابن تيمية في موضع آخر من كتابه :
« والمروانية الذين قاتلوا عليا وإن كانوا لا يكفّرونه ، فحجتهم أقوى من حجّة هؤلاء الرافضة ، وقد صنف الجاحظ كتابا للمروانية ذكر فيه من الحجج التي لهم ما لا يمكن للزيدية نقضه ، دع الرافضة » (٢).
فهذا هو حال الجاحظ الذي يتمسك الرازي بتركه رواية حديث الغدير.
واعلم أن الجاحظ قد أورد في كتابه المذكور عن إبراهيم النظام مطاعن أمير المؤمنين ـ عليهالسلام ـ والعياذ بالله ـ. وقد أجاب عن تلك المزاعم شيخ الامامية الشيخ المفيد ـ رحمة الله عليه ـ في كتابه ( العيون والمحاسن ) الذي اختصره تلميذه الشّريف المرتضى علم الهدى ـ رحمهالله ـ في كتاب أسماه بـ ( الفصول المختارة من
__________________
(١) منهاج السنة ٢ / ٢٠٧.
(٢) المصدر نفسه ٤ / ٧٠.