« فأما الحديث الذي رواه ضمرة ، عن أبي شوذب ، عن مطر الورّاق ، عن شهر بن حوشب ، عن أبي هريرة ، قال : لمّا أخذ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بيد علي قال : من كنت مولاه فعلي مولاه ، فأنزل الله عزّ وجلّ ( الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ ) (١). قال أبو هريرة : وهو يوم غدير خم ، من صام يوم ثماني عشر من ذي الحجة كتب له صيام ستين شهرا.
فإنه حديث منكر جدا بل كذب ، لمخالفته ما ثبت في الصحيحين عن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب : أن هذه الآية نزلت في يوم الجمعة يوم عرفة ورسول الله صلّى الله عليه وسلّم ـ واقف بها كما قدمنا. وكذا قوله : إن صيام يوم الثامن عشر من ذي الحجة وهو يوم غدير خم يعدل صيام ستين شهرا ، لا يصح ، لأنه قد ثبت ما معناه في الصحيح : أن شهر رمضان بعشر أشهر ، فكيف يكون صيام يوم واحد يعادل ستين شهرا؟ هذا باطل.
وقد قال شيخنا الحافظ أبو عبد الله الذهبي ـ بعد إيراد هذا الحديث ـ : هذا حديث منكر جدّا ، ورواه خيشون الخلاّل وأحمد بن عبد الله بن أحمد الدّيري ـ وهما صدوقان ـ عن علي بن سعيد الرّملي ، عن ضمرة ، قال : ويروى هذا الحديث من حديث عمر بن الخطاب ومالك بن الحويرث وأنس بن مالك وأبي سعيد وغيرهم بأسانيد واهية.
قال : وصدر الحديث متواتر أتيقّن أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ـ قاله وأما : اللهمّ وال من والاه ، فزيادة قوية الإسناد. وأما هذا الصوم فليس بصحيح ، وو الله نزلت الآية يوم عرفة قبل غدير خم بأيام ، والله أعلم » (٢).
« أخبرنا أبو حفص عمر بن الحسن المراغي فيما شافهني به ، عن أبي الفتح
__________________
(١) سورة المائدة : ٣.
(٢) التاريخ لابن كثير ٥ / ٢١٣ ـ ٢١٤.