للأصول المحرزة ، وثالثا لغير المحرزة منها ، فأفاد (قدسسره) في الجمع عند تخلف الطرق ما هذا حاصله : ان المجعول فيها ليس حكما تكليفيا ، حتى يتوهم التضاد بينها وبين الواقعيات ، بل الحق ان المجعول فيها هو الحجية والطريقيّة ، وهما من الأحكام الوضعيّة المتأصلة في الجعل ، خلافا للشيخ (قدسسره) حيث ذهب إلى ان الأحكام الوضعيّة كلها منتزعة من الأحكام التكليفية ، والإنصاف عدم تصور انتزاع بعض الأحكام الوضعيّة من الأحكام التكليفية مثل الزوجية. فانها وضعية ويتبعها جملة من الأحكام كوجوب الإنفاق على الزوجة وحرمة تزويج الغير لها ، وحرمة ترك وطيها ، أكثر من أربعة أشهر إلى غير ذلك ، وقد يتخلف بعضها مع بقاء الزوجية ، فأي حكم تكليفي يمكن انتزاع الزوجية منها ، وأي جامع بين هذه الأحكام التكليفية ، ليكون منشئاً لانتزاع الزوجية ، فلا محيص من أمثالها عن القول بتأصل الجعل ، ومنها الطريقية والوسطية في الإثبات ، فانها متأصلة بالجعل ولو إمضاء لما تقدمت الإشارة إليه من كون الطرق التي بأيدينا يعتمدون عليها العقلاء في مقاصدهم ، بل هي عندهم كالعلم لا يعتنون باحتمال مخالفتها للواقع ، فنفس الحجية والوسطية في الإثبات امر عقلائي قابل بنفسه للاعتبار ، من دون ان يكون هناك حكم تكليفي منشأ لانتزاعه.
إذا عرفت حقيقة المجعول فيها ، ظهر لك انه ليس فيها حكم حتى ينافى الواقع فلا تضاد ولا تصويب ، وليس حال الأمارات المخالفة ، الا كحال العلم المخالف فلا يكون في البين إلّا الحكم الواقعي فقط مطلقا ، فعند الإصابة يكون المؤدى هو الحكم الواقعي كالعلم الموافق ويوجب تنجيزه. وعند الخطاء يوجب المعذورية وعدم صحة المؤاخذة عليه كالعلم المخالف من دون ان يكون هناك حكم آخر مجعول انتهى.
وفيما أفاده مواقع للنظر : اما أولا : فقد أشرنا إليه وسيوافيك تفصيله عند البحث عن حجية الأمارات العقلائية ، ومحصله انه ليس في باب الطرق والأمارات ، حكم وضعي ولا تكليفي وانما عمل بها الشارع كما يعمل بها العقلاء في مجاري