واما القول بقصور الأدلة ، فهو خارج عن المقام ، وسوف نستوفي الكلام فيه في المقام الثاني.
ثم ان بعض أعاظم العصر ، أجاب عنه بان المجعول هو الكاشفية والوسطية في الإثبات ، وبنفس هذا الجعل يتم الأمرين وسوف يوافيك في محله عدم صحة تلك المقالة.
ثم ان المحقق الخراسانيّ في تعليقته ، أجاب عن هذا الإشكال ، بان المجعول في الأمارات هو المؤدى ، وان مفاد أدلة الأمارات ، جعل المؤدّى منزلة الواقع ، ولكن بالملازمة العرفية بين تنزيل المؤدى منزلة الواقع ، وبين تنزيل الظن منزلة العلم ، يتم المطلب
وعدل عنه في الكفاية بما أوضحه بعض أعاظم العصر : ان ذلك يستلزم الدور فان تنزيل المؤدى منزلة الواقع ، فيما كان للعلم دخل ، لا يمكن إلّا بعد تحقق العلم في عرض
ذلك التنزيل ، فانه ليس للواقع أثر يصح بلحاظه التنزيل ، بل الأثر مترتب على الواقع والعلم به ، والمفروض ان العلم بالمؤدى ، يتحقق بعد تنزيل المؤدى منزلة الواقع ، فيكون التنزيل موقوفا على العلم : والعلم موقوفا على التنزيل ، وهذا دور محال ، وهذا هو الوجه الثاني من الوجهين
وفيه ، ان اشتراط ترتب الأثر على التنزيل ، انما هو لأجل صون فعل الحكيم عن اللغوية ، واللغوية ، كما تندفع بترتب الأثر الفعلي كذلك تندفع بالأثر التعليقي ، أي لو انضم إليه جزئه الآخر ، يكون ذا أثر فعلى.
والحاصل : ما هو اللازم في خروج الجعل عن اللغوية ، هو كون التنزيل ذا أثر ، بحيث لا يكون التنزيل بلا أثر أصلا ، والمفروض ان المؤدى لما نزل منزلة الواقع فقد أحرز جزء من الموضوع ، وان هذا التنزيل يستلزم عرفا في الرتبة المتأخرة تنزيل الظن منزلة العلم بالملازمة العرفية ، وبه يتم ما هو تمام الموضوع للأثر.
بل يمكن ان يقال : ان هاهنا أثراً فعليا ، لكن بنفس الجعل ، ولا يلزم ان يكون الأثر سابقا على الجعل ، ففيما نحن فيه ، لما كان نفس الجعل متمما للموضوع ،