وقال آخر :
٩٩٢ ـ لعمرك ما الدنيا بدار إقامة |
|
إذا زال عن عين البصير غطاؤها |
٩٩٣ ـ وكيف بقاء المرء فيها وإنما |
|
ينال بأسباب الفناء بقاؤها (١) |
وفي معاني هذه الأبيات وفي قولهم :
٩٩٤ ـ كلّ يدور على البقاء بجهده |
|
وعلى الفناء تديره الأيام (٢) |
وقولهم :
٩٩٥ ـ يميتك ما يحييك في كلّ ساعة |
|
ويحدوك حاد ما يريد بك الهزءا (٣) |
وغير ذلك.
ـ قالت الحكماء : إنّ تحلّل الرطوبة التي منها خلقنا ـ وهو المني ـ والرطوبة الخاصة منها لغذاء القلب ، وهي رطوبة دهنية لذيذة ملساء ، هي لنار القلب كالدهن لشعلة السراج ، دائم أبدا بسببين : بالهواء المحلّل من خارج ، وبالحرارة الغريزية ، وبالغربية من داخل ، وهذه الأسباب متعاونة على التجفيف أولا أولا ، بل هذا الجفاف ضرورة الاستكمال والبلوغ من تتمة الأفعال ، فإنا في أول الأمر ما نكون في غاية الرطوبة ، وبحسب ذلك كثرة الحرارة ، وإلا عفنت واحتقنت ، فهي تستولي عليها ، وتعمل في أكلها وتجفيفها حتى يبلغ البدن الحدّ المعتدل ، ثم التجفيف يكون أقوى من الأول ؛ لأنّ المادة تهي أولا ،
__________________
(١) البيتان لابن الرومي في ديوانه ١ / ١٣٠. وهما في شرح مقامات الحريري ١ / ٢١ ؛ وزهر الآداب ١ / ١٤٤ ؛ والصناعتين ص ٤٩.
(٢) البيت لأبي العتاهية من قصيدة مطلعها :
نادت بوشك رحيلك الأيام |
|
أفلست تسمع أو بك استصمام |
ومضى أمامك من رأيت وأن |
|
ت للباقين حتى يلحقوك إمام |
وهو في ديوانه ص ٢٠٨ ؛ والفوائد والأخبار لابن دريد ص ٤٠.
(٣) البيت في تفسير القرطبي ١١ / ١٥٠ من غير نسبة ، وهو للغضائري في عين الأدب والرياسة ص ١٨١. وقبله :
حياتك أنفاس تعدّ فكلما |
|
مضى نفس منك انتقصت جزءا |
فتصبح في نقص وتمسي بمثله |
|
ومالك معمول تحس به رزءا |