وهو كما ترى من أوّله إلى آخره وإن كان الحاصل منه التفصيل في غير ما علم بخطإ الفتوى الاولى ، أو فساد مدركه في الرجوع عن الفتوى ، بين العبادات بالمعنى الأخصّ ، والمعاملات بالمعنى الأعمّ من العقد والايقاع ، وبين الأحكام ، بعدم الانتفاض في الأوّل والانتقاض في الثّانى ، وهو التفصيل الّذي حكيناه عنه في المسألة ؛ إلَّا أنّ الذى ذكره في عنوان التفصيل غير محصّل المراد ، لأنّ المراد من تعيّن أخذ الواقعة من الفتوى في العبادات والانشاءات من العقود والايقاعات ، إن كان من جهة تقيّدها بالفتوى بحسب الواقع ، بأن تكون الفتوى من قيودها الواقعيّة ، بحيث لا يترتّب على وجودها النّفس الأمرى بدونها أثر من الآثار الوضعيّة والتّكليفيّة ، فهو ممّا لا يقول به ، بل لا يقول به أحد ، بل لا معنى لتوهّمه فضلاً عن القول به ، كما لا يخفى ؛ وإن كان من جهة توقّف ترتيب الأثر عليها على وجود الطّريق إليها ، فهذا جار في الأحكام أيضاً ، لأنّ ترتيب كلّ محمول على كلّ موضوع يتوقّف على إحراز الموضوع ولو بالطّرق الشّرعيّة المقرّرة ، فلا اختصاص له بالعبادات والمعاملات بالمعنى الأعمّ ؛ وإن كان معنى آخر ، فلا بدّ من بيانه حتّى ننظر في انطباقه على ما ذكره من التفصيل ؛ وقد ذكر شيخنا العلّامة قدسسره في مجلس البحث أنّه أرسل الفصول إلى صاحبه قدسسره بتوسّط بعض (١) السّادة العلماء من تلامذته ، لتحصيل المراد من هذا العنوان واستفادته منه ، فلم يحصل من بيانه ما يرفع به الغواشى والاجمال عن كلامه ، هذا.
نعم ، لو كان مفصّلاً بين العبادات وغيرها أمكن أن يقال في تصوّر العنوان : إنّ قصد القربة المعتبر في العبادة في حقّ الجاهل البسيط يتوقّف على قيام طريق شرعىّ عليها ، وإلّا فلا يتمكّن من قصدها إذا لم يأت بها بعنوان الاحتياط ، هذا بعض الكلام في تصوير القول المذكور والعنوان المذكور في تفصيله.
وأمّا بيان ضعفه وفساد وجهه ، فسيجيء الكلام فيه بعد نقل تمام الأقوال في المسألة وذكر أدلّتها إن شاء الله تعالى ، فانتظر.
__________________
(١) ذكر في حاشية النسخة المطبوعة : أنّه الحاجّ الميرزا السيّد على التسترى رحمة الله.