مجلس البحث دعانا إلى التّكلّم فيها في ذيل المسألة بعض الكلام.
فنقول بعون الله الملك العلّام ، ودلالة أهل الذّكر عليهم آلاف (١) الصلاة والسّلام وإعانتهم : إنّ مبنى الرّأى السّابق المتبدّل المرجوع عنه لا يخلو : إمّا أن يكون الاجتهاد القطعى بحيث حصل منه القطع بالحكم الواقعي وإن كان خارجاً عن موضوع الاجتهاد اصطلاحاً ، كما تبيّن في محلّه ، أو الاجتهاد الظنّى أو أصلاً من الاصول التعبّدية ، كالاستصحاب ، أو البراءة ، أو نحوهما ، وعلى كلّ تقدير من هذه التّقادير لا يخلو الأمر بالنّسبة إلى المتبدّل إليه : إمّا أن يكون مبناه على القطع واليقين بخطإ الرّأى الأوّل ، أو الظّنّ الاجتهادى ، أو الأصل.
ثمّ في صورة عدم القطع بفساد الرّأى الأوّل ومخالفته للواقع ، قد يقطع بفساد مدركه وعدم صلاحيّته للاستناد إليه ، وقد لا يقطع بذلك من جهة عدم تذكّره أو غير ذلك ؛ ومحلّ الكلام في ما إذا كان الرّأى الأوّل على خلاف الاحتياط ، كما إذا كان على عدم جزئيّة الجلسة للاستراحة ، أو كفاية التّسبيحة للرّكعتين الأخيرتين ، أو كفاية النّكاح بالفارسى مثلاً ، أو طهارة الغسالة ، أو كفاية الغسل مرّة ، أو كفاية فرى الودجين في الذّبح ، إلى غير ذلك من الأمثلة وعمل بمقتضاه ، وإلّا قد يكون الرّأى على خلاف الاحتياط ويحتاط المجتهد ومقلّدوه في مورد ، فهو خارج عن موضوع المسألة ، كما هو واضح ، وإن كان كلام بعضهم ظاهراً ، بل صريحاً في التعميم على ما ستقف عليه.
ثمّ إنّ الكلام إنّما هو في حكم ما أوقعه من الوقائع على طبق الرّأى الأوّل في ما كان له أثر بعد الرّجوع من الاعادة والقضاء ، أو استرداد العوض والمعوّض في المعاملات مثلاً ، وأمّا بالنّسبة إلى الوقائع الحادثة المستقبلة فلا إشكال ، بل لا خلاف في تعيّن إيقاعها على مقتضى الرّأى اللّاحق في عمل نفسه وفتواه لمن يقلّده ، بل
__________________
(١) في النسخة : ألف.