محمد بن إسماعيل بن سعد قال : حدّثني أبي ، قال : حدّثني عمي ، قال : حدّثني أبي ، عن جدي ، عن ابن عباس رضي الله عنهما (قُلِ الْعَفْوَ) قال : ما أتوك به من شيء قليل أو كثير فاقبله منهم. لم يفرض فيه فريضة معلومة ، ثم نزلت بعد ذلك الفرائض مسماة.
وقد قيل : إن المراد بهذه الصدقة الزكاة.
[٥٦] (١) ـ أخبرنا محمد بن عبد الله بن حبيب ، قال : ابنا علي بن الفضل ، قال : ابنا عبد الصمد ، قال : ابنا عبد الله بن حموية ، قال : ابنا إبراهيم بن حريم ، قال : ابنا عبد الحميد ، قال : بنا شبابة ، عن ورقاء ، عن ابن نجيح ، عن مجاهد ، قال : العفو الصدقة المفروضة.
والقول الثاني : أنه كان فرض عليهم قبل الزكاة أن ينفقوا ما يفضل عنهم ، فكان أهل الحرث يأخذون قدر ما يكفيهم من نصيبهم ، ويتصدّقون بالباقي ، وأهل الذهب والفضة يأخذون قدر ما يكفيهم في تجارتهم ويتصدقون بالباقي ، ذكره بعض المفسرين.
والثالث : أنها نفقة التطوع ، وذلك أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم لما حثهم على الصدقة ورغبهم بها قالوا : ما ذا ننفق؟ وعلى من ننفق؟ فنزلت هذه الآية.
قال مقاتل بن حيان في قوله : (وَيَسْئَلُونَكَ ما ذا يُنْفِقُونَ) قال : هي النفقة في التطوع ، فكان الرجل يمسك من ماله ما يكفيه سنة ويتصدق بسائره ، وإن كان ممن يعمل ببدنه أمسك ما يكفيه يوما ويتصدق بسائره ، وإن كان من أصحاب الحقل والزرع أمسك ما يكفيه سنة ويتصدق بسائره ، فاشتد ذلك على المسلمين فنسختها آية الزكاة.
قلت : فعلى هذا القول معنى قوله : اشتد ذلك على المسلمين ، أي : صعب ما ألزموا نفوسهم به ، فإن قلنا هذه النفقة نافلة أو هي الزكاة فالآية محكمة ، وإن قلنا إنها نفقة فرضت قبل الزكاة فهي منسوخة بآية الزكاة ، والأظهر في أنها الإنفاق في المندوب إليه (٢).
ذكر الآية السابعة والعشرين :
قوله تعالى : (وَلا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكاتِ حَتَّى يُؤْمِنَ) [البقرة : ٢٢١] اختلف المفسّرون في المراد بالمشركات هاهنا على قولين :
الأول : أنهن الوثنيات.
__________________
(١) أخرجه ابن أبي حاتم (٢ / ٣٩٣ / ٢٠٧٢).
(٢) انظر «الناسخ والمنسوخ» للنحاس (ص ٥٢ ـ وما بعدها) و «صفوة الراسخ» (ص ٦٠ ، ٦١).