تحريم القتال في الشهر الحرام ، لقوله : (قُلْ قِتالٌ فِيهِ كَبِيرٌ) قال ابن مسعود وابن عباس رضي الله عنهما : لا يحل. وفي رواية أبي صالح عن ابن عباس رضي الله عنهما : عظم العقوبة ، وهذا إقرار لهم على ما كانوا عليه في الجاهلية فإنهم كانوا يحرمون القتال في الأشهر الحرم.
[٥٢] ـ أخبرنا أبو الحسن الأنصاري ، قال : ابنا عبد الله بن علي الألوسي ، قال : أخبرني عبد الملك بن عمر الرزّاز ، قال : ابنا ابن شاهين ، قال : بنا يحيى بن محمد صاعد ، قال : بنا محمد بن توبة العنبري ، قال : ابنا أزهر بن سعد ، قال : بنا ابن عون ، قال : أبو رجاء العطاردي : كان إذا دخل شهر رجب قالوا : قد جاء منصل الأسنة فيعمد أحدهم إلى سنان رمحه فيخلعه ويدفعه إلى النساء ، فيقول : اشددن هذا في عكومكن (١) فلو مر أحدنا على قاتل أبيه لم يوقظه.
قلت : واختلف العلماء هل هذا التحريم باق أم نسخ.
[٥٣] ـ وأخبرنا إسماعيل بن أحمد ، قال : ابنا عمر بن عبيد الله البقال ، قال : ابنا ابن بشران ، قال : بنا الكاذي قال : بنا عبد الله بن أحمد ، قال : حدّثني أبي قال : بنا حجاج عن ابن جريج ، قال : قلت لعطاء : (يَسْئَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرامِ قِتالٍ فِيهِ) ما لهم إذ ذلك لا يحل لهم أن يغزو أهل الشرك في الشهر الحرام ثم غزوهم فيه بعد ، فحلف لي بالله ؛ ما يحل للناس الآن أن يغزو في الحرم ولا في الشهر الحرام إلا أن يقاتلوا فيه أو يغزو ومنا نسخت.
وروى عبد خير ، عن علي عليهالسلام في قوله : (يَسْئَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرامِ قِتالٍ فِيهِ) قال : نسختها (فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ).
وقال سعيد بن المسيب ، وسليمان بن يسار وسائر علماء الأمصار : إن القتال في الشهر الحرام جائز ، فإن هذه الآية منسوخة بقوله : (فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ
__________________
وأخرجه البزار (٣ / ٤١ / ٢١٩١ ـ كشف الأستار) من طريق : أبي سعيد البقال ، عن عكرمة ، عن ابن عباس.
قال الهيثمي في «المجمع» (٦ / ١٩٦) : «وفيه أبو سعيد البقال ؛ وهو ضعيف».
على كل حال القصة صحيحة بمجموعة طرقها ، كما قال الحافظ وغيره.
وانظر : «تاريخ الإسلام» للذهبي ـ المغازي ـ (ص ٤٨ ـ ٥٠) و «عيون الأثر» لابن سيد الناس (١ / ٢٢٧) و «البداية والنهاية» (٣ / ٢٤٨ ـ ٢٥٢) و «السرايا والبعوث النبوية حول المدينة ومكة» للدكتور بريك محمد بريك العمري (ص ٩٥ ـ ١٠٦) ط. دار ابن الجوزي.
(١) العكوم : الأحكام والغرائر التي تكون فيها الأمتعة وغيرها. أو : الحبل الذي تشد عليه الثياب.
انظر «لسان العرب» (٩ / ٣٤٣ ـ ٣٤٤) و «النهاية في غريب الحديث والأثر» (٣ / ٢٥٨).