بين الشتاء والصيف ، وقالوا : نزيد عشرين يوما نكفّر بها ما صنعنا ، فجعلوا صيامهم خمسين يوما. فعلى هذا البيان الآية محكمة غير منسوخة.
[٤٠] ـ وأما الثاني : فأخبرنا عبد الوهاب ، قال : ابنا أبو الفضل بن خيرون ، وأبو طاهر الباقلاوي ، قالا : أخبرنا أبو علي بن شاذان ، قال : ابنا أحمد بن كامل ، قال : ابنا محمد بن سعد ، قال : حدّثنا أبي قال : حدّثني عمي الحسين بن الحسن بن عطية ، قال : حدّثني أبي ، عن جدي ، عن ابن عباس رضي الله عنهما (أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيامِ الرَّفَثُ إِلى نِسائِكُمْ هُنَّ لِباسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِباسٌ) فكان ثلاثة أيام في كل شهر ، ثم نسخ ذلك ما أنزل من صيام رمضان.
وقال قتادة : كتب الله عزوجل على الناس قبل نزول شهر رمضان ثلاثة أيام من كل شهر.
وأما الثالث : فقد روى النزال بن سبرة عن ابن مسعود ، أنه قال : ثلاثة أيام من كل شهر ، ويوم عاشوراء.
وقد زعم أرباب هذا القول أن الآية منسوخة بقوله : (شَهْرُ رَمَضانَ) [البقرة : ١٨٥]. وفي هذا بعد كثير ، لأن قوله : (شَهْرُ رَمَضانَ) جاء عقيب قوله : (كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيامُ) فهو كالتفسير للصيام والبيان له.
القول الثالث : إن التشبيه راجع إلى نفس الصوم لا إلى صفته ولا إلى عدده وبيان ذلك ، أن قوله تعالى : (كَما كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ) لا يدل على عدد ولا صفة ، ولا وقت ، وإنما يشير إلى نفس الصيام كيف وقد عقبه الله بقوله تعالى : (أَيَّاماً مَعْدُوداتٍ) [البقرة : ١٨٤] فتلك يقع على يسير الأيام وكثيرها ، فلما قال تعالى في نسق التلاوة (شَهْرُ رَمَضانَ) بين عدد الأيام المعدودات ووقتها ، وأمر بصومها ؛ فكان التشبيه الواقع في نفس الصوم. والمعنى : كتب عليكم أن تصوموا كما كتب عليهم ، وأما صفة الصوم وعدده فمعلوم من وجوه أخر لا من نفس الآية. وهذا المعنى مرويّ عن ابن أبي ليلى (١). وقد أشار إليه السّدّي والزجاج ، والقاضي
__________________
وإسناده ضعيف لانقطاعه ، فالحسن لا يعرف له سماعا من دغفل.
وأخرجه البخاري في «التاريخ الكبير» (٣ / ٢٥٤ / ٨٨٠) والطبراني في «المعجم الأوسط» كما في «مجمع البحرين» مرفوعا. وقال الهيثمي في «مجمع الزوائد» (٣ / ١٣٩) : «رجال إسنادهما رجال الصحيح».
قلت : إضافة إلى الانقطاع بين الحسن ودغفل ؛ فإن دغفل لا يعرف له إدراك للنبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، كما قال البخاري وغيره. والله تعالى أعلم.
(١) أخرجه البخاري في «صحيحه» معلّقا ـ ٣٠ ـ كتاب الصوم ، ٣٩ ـ باب (وعلى الذين يطيقونه