أبو يعلى. وما رأيت مفسرا يميل إلى التحقيق إلا وقد أومى إليه ، وهو الصحيح. وما ذكره المفسّرون فإنه شرح حال صوم المتقدمين ، وكيف كتب عليهم لأنه تفسير للآية ، وعلى هذا البيان لا تكون الآية منسوخة أصلا.
ذكر الآية الخامسة عشر :
قوله تعالى : (وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعامُ مِسْكِينٍ) [البقرة : ١٨٤] اختلف المفسرون في معنى الآية على قولين :
القول الأول : أنه يقتضي التخيير بين الصوم والإفطار مع الإطعام ، لأن معنى الكلام : وعلى الذين يطيقونه ولا يصومونه فدية ، فعلى هذا يكون الكلام منسوخا بقوله تعالى : (فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ) [البقرة : ١٨٥].
[٤١] (١) ـ أخبرنا إسماعيل بن أحمد ، قال : ابنا أبو الفضل البقال ، قال : ابنا ابن بشران ، قال : بنا الكاذي ، قال : بنا عبد الله بن أحمد ، قال : حدّثني أبي أحمد بن حنبل ، قال : بنا عبد الرزاق قال : بنا معمر ، عن أيوب ، عن ابن سيرين ، عن ابن عباس رضي الله عنهما (وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ) قال : نسختها (فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ).
قال أحمد : وحدّثنا حجاج ، عن ابن جريج ، عن عطاء الخراساني ، عن ابن عباس رضي الله عنهما (وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ) وكانت الإطاقة أن الرجل والمرأة يصبح صائما ، ثم إن شاء أفطر وأطعم لذلك مسكينا ، فنسختها : (فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ) (٢).
__________________
فدية). قال : وقال ابن نمير : حدثنا الأعمش ، حدثنا عمرو بن مرة ، حدثنا ابن أبي ليلى ، حدثنا أصحاب محمد صلىاللهعليهوسلم : «نزل رمضان فشقّ عليهم ، فكان من أطعم كل يوم مسكينا ترك الصوم ممن يطيقه ، ورخّص لهم في ذلك ، فنسختها : (وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ) فأمروا بالصوم».
ووصله أبو نعيم في «المستخرج» كما في «الفتح» (٤ / ٢٢٣).
وأخرجه أبو داود (٥٠٦) ضمن حديث طويل ، من طريق : شعبة ، عن عمرو بن مرة به.
وأخرجه الطبري أيضا (٣ / ٤١٥ / ٢٧٣١) وأبو عبيد في «ناسخه» (٥٨).
وأخرجه ابن أبي حاتم (١ / ٣٠٦ ، ٣٠٩ / ١٦٣٢ ، ١٦٤٦) من طريق الأعمش ، عن عمرو بن مرة به.
وأخرجه أحمد (٥ / ٢٤٦ ـ ٢٤٧) وأبو داود (٥٠٧) والطبري (٣ / ٤١٤ / ٢٧٢٩) والحاكم (٢ / ٢٧٤).
من طريق : المسعودي ، عن عمرو بن مرة.
والمسعودي ؛ صدوق لكنه اختلط.
لذا قال الحافظ في «العجاب» (١ / ٤٣٠) : «رواية شعبة أصح».
(١) تقدّم أن ابن سيرين لم يسمع من ابن عباس.
(٢) أخرجه ابن أبي حاتم (١ / ٣٠٧ / ١٦٣٧) وأبو عبيد في «ناسخه» (٥٩).