سنة ، وعلى المؤمن دون ذلك :
[١٦٥٦] حتى جاء في الحديث «أنه يكون على المؤمن كقدر صلاة مكتوبة صلاها في الدنيا».
وقال إبراهيم التيمي : لا يكون على المؤمن إلا كما بين الظهر والعصر ، ويجوز أن يكون هذا إخبار عن شدته وهوله ومشقته.
وقال ابن أبي مليكة : دخلت أنا وعبد الله بن فيروز مولى عثمان بن عفان على ابن عباس فسأله ابن فيروز عن هذه الآية وعن قوله خمسين ألف سنة ، فقال له ابن عباس : أيام سماها الله لا أدري ما هي وأكره أن أقول في كتاب الله ما لا أعلم.
(ذلِكَ عالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ (٦) الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنْسانِ مِنْ طِينٍ (٧) ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ مِنْ سُلالَةٍ مِنْ ماءٍ مَهِينٍ (٨) ثُمَّ سَوَّاهُ وَنَفَخَ فِيهِ مِنْ رُوحِهِ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصارَ وَالْأَفْئِدَةَ قَلِيلاً ما تَشْكُرُونَ (٩) وَقالُوا أَإِذا ضَلَلْنا فِي الْأَرْضِ أَإِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ بَلْ هُمْ بِلِقاءِ رَبِّهِمْ كافِرُونَ (١٠) قُلْ يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ ثُمَّ إِلى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ (١١))
(ذلِكَ عالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ) ، يعني ذلك الذي صنع ما ذكره من خلق السموات والأرض عالم ما غاب عن [عيان](١) الخلق وما حضر ، (الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ).
(الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ) ، قرأ نافع ، وأهل الكوفة «خلقه» بفتح اللام على الفعل وقرأ الآخرون بسكونها ، أي أحسن خلق كل شيء ، قال ابن عباس : أتقنه وأحكمه. قال قتادة : حسنه. وقال مقاتل : علم كيف يخلق كل شيء ، من قولك فلان يحسن كذا إذا كان يعلمه. وقيل : خلق كل حيوان على صورته ثم (٢) يخلق البعض على صورة البعض ، فكل حيوان كامل في خلقه حسن ، وكل عضو من أعضائه مقدر بما يصلح به معاشه. (وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنْسانِ مِنْ طِينٍ) ، يعني آدم.
(ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ) ، يعني ذريته ، (مِنْ سُلالَةٍ) ، نطفة سميت سلالة لأنها تسل من الإنسان (مِنْ ماءٍ مَهِينٍ) ، أي ضعف وهو نطفة الرجل.
(ثُمَّ سَوَّاهُ) ، وسوى خلقه ، (وَنَفَخَ فِيهِ مِنْ رُوحِهِ) ، ثم عاد إلى ذريته ، فقال : (وَجَعَلَ لَكُمُ) ، بعد أن كنتم نطفا ، (السَّمْعَ وَالْأَبْصارَ وَالْأَفْئِدَةَ قَلِيلاً ما تَشْكُرُونَ) ، يعني لا تشكرون ربّ هذه النعم فتوحدونه.
(وَقالُوا) ، يعني منكري البعث ، (أَإِذا ضَلَلْنا) ، هلكنا ، (فِي الْأَرْضِ) ، وصرنا ترابا وأصله من قولهم ضل الماء في اللبن إذا ذهب ، (أَإِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ) ، استفهام إنكار. قال الله عزوجل : (بَلْ هُمْ بِلِقاءِ رَبِّهِمْ كافِرُونَ) ، أي بالبعث بعد الموت.
(قُلْ يَتَوَفَّاكُمْ) ، يقبض أرواحكم ، (مَلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ) ، أي وكل بقبض أرواحكم وهو عزرائيل ، والتوفي استيفاء العدد [المضروب للخلق في الأزل](٣) ، معناه أنه يقبض أرواحهم حتى لا يبقى
__________________
[١٦٥٦] ـ تقدم في سورة الفرقان عند آية : ٢٦.
(١) زيد في المطبوع.
(٢) في المطبوع «لم».
(٣) زيد في المطبوع.