القوس بالقوس وتشقق بمعنى تتشقق ، أدغموا إحدى التاءين في الأخرى ، وقرأ أبو عمرو وأهل الكوفة بتخفيف الشين هاهنا ، وفي سورة «ق» [٤٤] بحذف إحدى التاءين ، وقرأ الآخرون بالتشديد ، أي تنشق بالغمام وهو غمام أبيض رقيق مثل الضبابة ، ولم يكن إلا لبني إسرائيل في تيههم. (وَنُزِّلَ الْمَلائِكَةُ تَنْزِيلاً) ، قرأ ابن كثير «وننزل» بنونين خفيف ورفع اللام ، «الملائكة» نصب.
قال ابن عباس : تتشقق السماء الدنيا فينزل أهلها وهم أكثر ممن في الأرض من الجن والإنس ، ثم تتشقق السماء الثانية فينزل أهلها وهم أكثر ممن في السماء الدنيا ، ومن الجن والإنس ، ثم كذلك حتى تتشقق السماء السابعة وأهل كل سماء يزيدون على أهل السماء التي قبلها ، ثم ينزل الكروبيون [سادة الملائكة وهم المقربون](١) ثم حملة العرش.
(الْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ لِلرَّحْمنِ) أي الملك الذي هو الملك الحق حقا ملك الرحمن يوم القيامة ، قال ابن عباس : يريد أن يوم القيامة لا ملك يقضي غيره. (وَكانَ يَوْماً عَلَى الْكافِرِينَ عَسِيراً) ، شديدا فهذا الخطاب يدل على أنه لا يكون على المؤمنين (٢) عسيرا.
[١٥٥٨] وجاء في الحديث : «أنه يهون يوم القيامة على المؤمنين حتى يكون عليهم أخف من صلاة مكتوبة صلوها في الدنيا».
(وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلى يَدَيْهِ) أراد بالظالم عقبة بن أبي معيط.
[١٥٥٩] وذلك أن عقبة كان لا يقدم من سفر إلا صنع طعاما فدعا إليه أشراف قومه ، وكان يكثر مجالسة النبي صلىاللهعليهوسلم فقدم ذات يوم من سفر فصنع طعاما فدعا الناس [على عادته](٣) ودعا رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فلما قرب الطعام قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «ما أنا بآكل طعامك حتى تشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله» فقال عقبة : أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله فأكل رسول الله صلىاللهعليهوسلم من طعامه ، وكان عقبة صديقا لأبيّ بن خلف فلما أخبر أبيّ بن خلف قال له : يا عقبة صبأت؟ قال : لا والله ما صبأت ولكن دخل عليّ رجل فأبى أن يأكل طعامي إلا أن أشهد له [أنه رسول الله](٤) فاستحييت أن يخرج من بيتي ولم يطعم فشهدت له فطعم ، فقال : ما أنا بالذي أرضى عنك أبدا إلا أن تأتيه فتبرق في وجهه ، ففعل ذلك عقبة فقال عليهالسلام :
__________________
[١٥٥٨] ـ يأتي في سورة المعارج عند آية : ٤ إن شاء الله.
[١٥٥٩] ـ أخرجه أبو نعيم في «الدلائل» ٤٠١ من طريق الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس .. فذكره مطوّلا.
والكلبي كذاب متهم وأبو صالح ضعيف.
ـ وأخرجه الطبري ٢٦٣٥١ عن مجاهد في قوله تعالى : (وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلى يَدَيْهِ) قال : دعا عقبة بن أبي معيط النبي صلىاللهعليهوسلم إلى طعام صنعه ... إلى قوله .. فشهدت له ، والشهادة ليست في نفسي.
ـ وذكره الواحدي في «أسباب النزول» ٦٥٧ و «الوسيط» ٣ / ٣٣٩ بدون إسناد.
الخلاصة : الخبر واه ، وتخصيص الآية بواحد من بدع التأويل ، بل «أل» في «الظالم» لاستغراق الجنس ، فالآية تعم كل ظالم كافر ، وعقبة داخل في العموم ، ومثله أبي بن خلف ، وغيرهما.
(١) زيادة عن المخطوط.
(٢) في المطبوع «المؤمن».
(٣) زيادة عن المخطوط.
(٤) زيادة عن المخطوط.