(إِنَّ الشَّيْطانَ كانَ لِلْإِنْسانِ عَدُوًّا مُبِيناً) ، ظاهر العداوة.
(رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِكُمْ إِنْ يَشَأْ يَرْحَمْكُمْ) ، يوفقكم لتؤمنوا [فيثيبكم على الإيمان](١) ، (أَوْ إِنْ يَشَأْ يُعَذِّبْكُمْ) ، يميتكم على الشرك فتعذبوا ، قاله ابن جريج.
وقال الكلبي : إن يشأ يرحمكم فينجيكم من أهل مكة ، وإن يشأ يعذبكم فيسلطهم عليكم ، (وَما أَرْسَلْناكَ عَلَيْهِمْ وَكِيلاً) حفيظا وكفيلا. قيل : نسختها آية القتال.
(وَرَبُّكَ أَعْلَمُ بِمَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) ، أي : ربك العالم بمن في السموات والأرض فجعلهم مختلفين في صورهم وأخلاقهم وأحوالهم وما لهم (٢) ، (وَلَقَدْ فَضَّلْنا بَعْضَ النَّبِيِّينَ عَلى بَعْضٍ) ، قيل جعل أهل السموات والأرض مختلفين كما فضل بعض النبيين على بعض. قال قتادة في هذه الآية : اتخذ الله إبراهيم خليلا وكلّم (٣) موسى تكليما وقال لعيسى كن فيكون ، وآتى سليمان ملكا (٤) لا ينبغي لأحد من بعده ، وآتى داود زبورا كما قال : (وَآتَيْنا داوُدَ زَبُوراً) ، والزبور كتاب علمه الله داود يشتمل على مائة وخمسين سورة كلها دعاء وتمجيد وثناء على الله عزوجل ، ليس فيها حرام ولا حلال ولا فرائض ولا حدود ، ومعناه : إنكم لم تنكروا تفضيل النبيين فكيف تنكرون فضل النبي صلىاللهعليهوسلم وإعطاءه القرآن؟ وهذا خطاب مع من يقر بتفضيل الأنبياء عليهمالسلام من أهل الكتاب وغيرهم.
(قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِهِ فَلا يَمْلِكُونَ كَشْفَ الضُّرِّ عَنْكُمْ وَلا تَحْوِيلاً (٥٦) أُولئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخافُونَ عَذابَهُ إِنَّ عَذابَ رَبِّكَ كانَ مَحْذُوراً (٥٧))
قوله عزوجل : (قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِهِ) ، وذلك أن المشركين أصابهم قحط شديد حتى أكلوا الكلاب والجيف فاستغاثوا بالنبي صلىاللهعليهوسلم ليدعو لهم ، قال الله تعالى : (قُلِ) للمشركين (ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِهِ فَلا يَمْلِكُونَ كَشْفَ الضُّرِّ) ، القحط والجوع ، (عَنْكُمْ وَلا تَحْوِيلاً) ، إلى غيركم أو تحويل الحال من العسر إلى اليسر.
(أُولئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ) ، يعني الذين يدعونهم المشركون آلهة [و] يعبدونهم. قال ابن عباس ومجاهد : هم عيسى وأمه وعزير والملائكة ، والشمس والقمر والنجوم ، يبتغون أي يطلبون إلى ربهم الوسيلة ، أي : القربة. وقيل : الوسيلة الدرجة [أي : يتضرعون إلى الله في طلب الدرجة](٥) العليا. وقيل : الوسيلة كل ما يتقرب به إلى الله تعالى. وقوله : (أَيُّهُمْ أَقْرَبُ) ، معناه ينظرون أيهم أقرب إلى الله فيتوسلون به. وقال الزجاج : أيهم أقرب يبتغي الوسيلة إلى الله تعالى ويتقرب إليه بالعمل الصالح ، (وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ) ، جنته ، (وَيَخافُونَ عَذابَهُ إِنَّ عَذابَ رَبِّكَ كانَ مَحْذُوراً) ، أي يطلب منه الحذر. وقال عبد الله بن مسعود : نزلت الآية في نفر من العرب كانوا يعبدون نفرا من الجن فأسلم الجنّيون ولم يعلم الإنس الذين كانوا يعبدونهم بإسلامهم ، فتمسكوا بعبادتهم فعيّرهم الله وأنزل هذه الآية ، وقرأ ابن مسعود «الذين تدعون» بالتاء.
__________________
(١) زيادة عن المخطوط.
(٢) تصحف في المطبوع «ملكهم».
(٣) زيد في المطبوع «الله».
(٤) زيد في المطبوع «عظيما».
(٥) زيد في المطبوع و ـ ط.