وقد روى ابن عرفة المعروف بنفطويه وهو من أكابر المحدّثين وأعلامهم كما جاء في شرح النهج للمعتزلي :
«إنّ أكثر الأحاديث في فضائل الصحابة افتعلت في أيّام بني أميّة تقربا إليهم بما يظنّون أنّهم يزغمون أنوف بني هاشم».
ومع أن تلك الأحاديث قد صنعها الوضاعون لمصلحة المروانيّين والعثمانيّين ، وأبي سفيان ، وولده معاوية ، وأنصاره ، فقد صاغوها بأسلوب يجعل من كل صحابي قدوة صالحة لأهل الأرض ، وتصبّ اللعنات على كل من سبّ أحدا منهم ، أو اتهمه بسوء كما جاء فيما رووه عن أنس بن مالك أنّ النبي (ص) قال : «من سبّ أحدا من أصحابي فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين!!».
ومن عابهم ، أو انتقصهم فلا تؤاكلوه ، ولا تشاربوه ، ولا تصلوا عليه (١).
مع أنّها جاءت بهذا الأسلوب ، ولم تفرّق بين صحابي ، وصحابي ، فقد فرض معاوية سبّ عليّ عليهالسلام ، وانتقاصه في جميع المقاطعات التي كانت تخضع لحكمه بما في ذلك الكوفة ، وجهاتها التي تجرّعت كل أنواع الأذى ، والظلم لكثرة الموالين فيها لعليّ وولده عليهمالسلام الذّين تعرّضوا للقتل والحبس ، والتشريد ، وكان يقول في جواب ناصحيه من أنصاره ، الّذين كانوا يرون أنّ هذا الأسلوب من السياسة الخرقاء ، يخدم عليّا وشيعته أكثر ممّا يسيء إليهم :
«والله لا أدع سبّه وشتمه حتى يهرم عليه الكبير ، ويشبّ عليه الصغير!».
وقد بذل للصحابي أبي سمرة بن جندب خمسمئة ألف درهم
__________________
(١) انظر : ص ٢٣٨ من كتاب الكبائر للحافظ الذهبي.