إن الإجماع منعقد على الاعتبار بالظاهر دون الباطن ، ومن نجم نفاقه ، وظهر كفره يترك حديثه ومن (ظهر إسلامه) وأمانته ، وصدقه قبل ، وإن كان في الباطن خلاف ما ظهر منه ، فقد عملنا بما وجب علينا ، وبذلنا في طلب الحق جهدنا ، وقد كان رسول الله يعمل بالظاهر ، ويتبرّأ من علم الباطن ، وإلى ذلك الإشارة في هذه الآية بقوله : (لا تَعْلَمُهُمْ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ) أي إنه (ص) لم يكن يعلم المنافقين وذلك في الآية (١٠١) من سورة التوبة ونصّها :
(وَمِمَّنْ حَوْلَكُمْ مِنَ الْأَعْرابِ مُنافِقُونَ ، وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَرَدُوا عَلَى النِّفاقِ ، لا تَعْلَمُهُمْ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ ، سَنُعَذِّبُهُمْ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ يُرَدُّونَ إِلى عَذابٍ عَظِيمٍ)(١).
كلمة قيّمة للدكتور طه حسين
قال العلّامة الشيخ محمود أبو ريّة :
وقال الدكتور طه حسين في كلمة قيّمة (٢) قرّظ فيها كتابنا «الأضواء» وهو يذكر ما بذله رجال الجرح والتعديل :
وقد فطن المحدّثون القدماء لهذا كلّه ، واجتهدوا ما استطاعوا في التماس الصحيح من الحديث وتنقيته عن كذب الكذابين ، وتكليف المتكلفين. وكانت طريقتهم في هذا الاجتهاد إنّما هي الدرس لحياة الرجال الذين نقلوا الحديث جيلا بعد جيل حتى تم تدوينه فكانوا يتتبّعون كل واحد من هؤلاء الرجال ، ويتحقّقون من أنّه كان نقيّ السيرة صادق الإيمان بالله ورسوله. شديد الحرص على الصدق في حديثه كله ، وفي
__________________
(١) أضواء على السنة المحمدية ص ٣٣٧ ط ثالثة لدار المعارف بمصر.
(٢) نشرت هذه الكلمة في جريدة الجمهورية المصريّة الصادرة في ٢٥ نوفمبر ١٩٥٨ م.