الشيعة من عنت ، واضطهاد في ظلّ هاتين الأسرتين الحاكمتين خلال ثمانية قرون
كاملة.
إنّ هذا
الإحياء الصّادق الّذي يقوم به علماء الشيعة في صرح الثقافات الإسلامية يعتبر في
نظري انعكاسا لهذه الثورة النفسّية الّتي أشعلت نيرانها السياسة الأمويّة ،
والعباسيّة في نفوس شيعة الإمام علي ، والأئمة من بعده.
ولقد كان
اضطهاد الشيعة بالقدر الذي خامر أعماق الإيمان واستقرّ في النفوس بحيث توارثه
هؤلاء الشيعة في معارج التاريخ كلّها وامتزج منهم بالدم ، واللحم امتزاج الإيمان
الصّادق في نفوس المؤمنين.
فالشيعة ـ من
هذه الناحية بالذات ـ مؤمنون عقائديون وليس إيمانهم من هذا النوع الذي يقف عند حدّ
التقليد ، والقول باللسان.
وهذا الإيمان
العميق ، والمسلك العقائدي الذي يحياه الشيعة في كل قرن هو ـ وحده ـ سرّ هذا
النشاط الملحوظ في دعوتهم ، وهو أيضا سرّ الانبثاقات المتلاحقة في مؤلفاتهم ، وهذا
النّفس الطويل الّذي نلمسه في كتاباتهم .
__________________