لفظ ابن جرير.
وقال السدي عن عكرمة ، عن ابن عباس ، : ما تجلى ـ يعني من العظمة ـ منه إلا قدر النصر فجعل الجبل دكا ، قال : ترابا : ، (وَخَرَّ مُوسى صَعِقاً) أي مغشيا عليه. وقال قتادة :
ميتا. والصحيح الأول لقوله : (فَلَمَّا أَفاقَ) فإن الإفاقة إنما تكون عن غشيي : (قالَ سُبْحانَكَ) تنزيه وتعظيم وإجلال أن يراه بعظمته أحد. (تُبْتُ إِلَيْكَ) أي فلست أسأل بعد هذه الرؤية ، (وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ) أنه لا يراك أحد حي إلا مات. ولا يابس إلا تدهده.
وقد ثبت في الصحيحين من طريق عمرو بن يحيى بن عمارة بن أبي حسن المازني الأنصاري ، عن أبيه ، عن أبي سعيد الخدري ، قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «لا تخيروني من بين الأنبياء ، فإن الناس يصعقون يوم القيامة فأكون أول من يفيق ، فإذا أنا بموسى آخذ بقائمة من قوائم العرش ، فلا أدري أفاق قبلي أم جوزي بصعقة الطور؟» (١).
لفظ البخاري : وفي أوله قصة اليهودي الذي لطم وجهه الأنصاري حين قال : لا والذي اصطفى موسى على البشر. فقال رسول الله : «لا تخيروني من بين الأنبياء» (٢).
وفي الصحيحين من طريق الزهري عن أبي سلمة وعبد الرحمن الأعرج ، عن أبي هريرة ، عن النبي صلىاللهعليهوسلم بنحوه. وفيه : «لا تخيروني على موسى» وذكر تمامه.
وهذا من باب الهضم والتواضع ، أو نهى عن التفضيل بين الأنبياء على وجه الغضب والعصبية ، أو ليس هذا إليكم بل الله هو الذي رفع بعضهم فوق بعض درجات ، وليس ينال هذا بمجرد الرأي ، بل بالتوقيف.
ومن قال إن هذا قاله قبل أن يعلم أنه أفضل ، ثم نسخ باطلاعه على أفضليته عليهم كلهم ، ففي قوله نظر ؛ لأن هذا من رواية أبي سعيد وأبي هريرة ، وما هاجر أبو هريرة إلا عام حنين متأخرا ، فيبعد أنه لم يعلم بهذا إلا بعد هذا. والله أعلم.
ولا شك أنه ، صلوات الله وسلامه عليه ، أفضل البشر بل الخليقة ، قال الله تعالى : (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ) وما كملوا إلا بشرف نبيهم.
وثبت بالتواتر عنه ، صلوات الله وسلامه عليه ، أنه قال : «أنا سيد ولد آدم يوم القيامة ولا فخر» (٣) ثم ذكر اختصاصه بالمقام المحمود الذي يغبطه به الأولون والآخرون ، الذي تحيد عنه
__________________
(١) الحديث رواه البخاري في صحيحه (٤٤ / ١ / ٢٤١٢ / فتح). ورواه مسلم في صحيحه من طريق أبي هريرة (٤٣ / ١٥٩ / ١٦٢). ورواه الطبري في التفسير (٢٤ / ٢١ / بولاق). ورواه الحافظ في الفتح (٦ / ٣١٩ / مصر). ورواه أيضا أحمد في مسنده (١٤ / ٧٥٧٦ / معارف) من طريق أبي هريرة بلفظه ورواه أيضا أبو داود (٣٩ / ١٣) والترمذي وابن ماجة.
(٢) الحديث رواه البخاري في صحيحه (٦٠ / ٣١ / ٣٤٠٨ / فتح).
(٣) الحديث رواه ابن ماجة في سننه (٣٧ / ٣٧ / ٤٣٠٨). وتمامه «أنا سيد ولد آدم ولا فخر وأنا أول من تنشق الأرض عنه يوم القيامة ولا فخر ، وأنا أول شافع وأول مشفع ولا فخر ، ولواء الحمد بيدي يوم القيامة ولا فخر» أه. وفيه علي بن زيد بن جدعان ضعيف وقد سبق ترجمته.