شاء الله تعالى. ولم يوجد من سلالته من الأنبياء سوى خاتمهم على الإطلاق وسيدهم ، وفخر بني آدم في الدنيا والآخرة. محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم القرشي ، المكي ثم المدني.
صلوات الله وسلامه عليه.
فلم يوجد من هذا الفرع الشريف والغصن المنيف سوى هذه الجوهرة الباهرة ، والدرة الزاهرة ، وواسطة العقد الفاخرة ، وهو السيد الذي يفتخر به أهل الجمع ، ويغبطه الأولون والآخرون يوم القيامة.
وقد ثبت عنه في صحيح مسلم أنه قال : «سأقوم مقاما يرغب إلى الخلق كلهم حتى إبراهيم».
فمدح إبراهيم أباه مدحة عظيمة في هذا السياق ، ودل كلامه على أنه أفضل الخلائق بعده عند الخلاق ، في هذه الحياة الدنيا ويوم يكشف عن ساق.
وقال البخاري : حدثنا عثمان بن أبي شيبة ، حدثنا جرير ، عن منصور عن المنهال ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس قال : كان رسول الله صلىاللهعليهوسلم يعوذ الحسن والحسين ويقول : «إن أباكما كان يعوذ بها إسماعيل وإسحاق : أعوذ بكلمات الله التامة ، من كل شيطان وهامة ، ومن كل عين لامة» (١).
ورواه أهل السنن من حديث منصور به.
وقال تعالى : (وَإِذْ قالَ إِبْراهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتى قالَ أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قالَ بَلى وَلكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي قالَ فَخُذْ أَرْبَعَةً مِنَ الطَّيْرِ فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ ثُمَّ اجْعَلْ عَلى كُلِّ جَبَلٍ مِنْهُنَّ جُزْءاً ثُمَّ ادْعُهُنَّ يَأْتِينَكَ سَعْياً وَاعْلَمْ أَنَّ اللهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) [٢ / البقرة : ٢٦٠]
ذكر المفسرون لهذا السؤال أسبابا بسطناها في التفسير وقررناها بأتم تقرير.
والحاصل : أن الله عزوجل أجابه الى ما سأل ، فأمره أن يعمد إلى أربعة من الطيور.
واختلفوا في تعيينها على أقوال ، والمقصود حاصل على كل تقدير ، فأمره أن يمزق لحومهن وريشهن ، ويخلط ذلك بعضه في بعض ، ثم يقسمه قسما ويجعل على كل جبل منهم جزءا ففعل ما أمر به. ثم أمر أن يدعوهن بإذن ربهن ، فلما دعاهن جعل كل عضو يطير إلى صاحبه ، وكل ريشة تأتي إلى أختها ، حتى اجتمع بدن كل طائر على ما كان عليه ، وهو ينظر إلى قدرة الذي يقول للشيء كن فيكون ، فأتين إليه سعيا ، ليكون أبين له وأوضح لمشاهدته من أن يأتين طيرانا.
__________________
(١) الحديث رواه البخاري (٦٠ / ١٠ / ٣٣٧١). ورواه أيضا في كتابه «خلق أفعال العباد» (٩٧ / السعودية) وذكر له روايات كثيرة متعددة بطرق مختلفة. ورواه الترمذي (٢٩ / ١٨ / ٢٠٦٠). ورواه أحمد في مسنده (٢ / ١٨١ ، ٢٩٠ ، ٣٧٥) ، (٥ / ٤٣٠) ، (٢ / ٦ / حلبي). ورواه أبو داود (٢ / ٥٣٦ / حلبي). ورواه أيضا الدرامي في سننه ومالك في الموطأ.