وقد ورد فيه حديث مرفوع ، وفي إسناده ضعف.
فسألوا عن صفتها ، ثم عن لونها ، ثم عن سنها ، فأجيبوا بما عز وجوده عليهم ، وقد ذكرنا تفسير ذلك كله في التفسير.
والمقصود أنهم أمروا بذبح بقرة عوان ، وهي الوسط النصف بين الفارض وهي الكبيرة ، والبكر وهي الصغرة ، قاله ابن عباس ومجاهد وأبو العالية وعكرمة والحسن وقتادة وجماعة. ثم شددوا وضيقوا على أنفسهم فسألوا عن لونها ، فأمروا بصفراء فاقع لونها ، أي مشرب بحمرة ، تسر الناظرين ، وهذا اللون عزيز ، ثم شددوا أيضا (قالُوا ادْعُ لَنا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنا ما هِيَ إِنَّ الْبَقَرَ تَشابَهَ عَلَيْنا وَإِنَّا إِنْ شاءَ اللهُ لَمُهْتَدُونَ).
ففي الحديث المرفوع الذي رواه ابن أبي حاتم وابن مردويه : «لو لا أن بني إسرائيل استثنوا لما أعطوا» (١) وفي صحته نظر. والله أعلم.
(قالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّها بَقَرَةٌ لا ذَلُولٌ تُثِيرُ الْأَرْضَ وَلا تَسْقِي الْحَرْثَ مُسَلَّمَةٌ لا شِيَةَ فِيها ، قالُوا الْآنَ جِئْتَ بِالْحَقِّ فَذَبَحُوها وَما كادُوا يَفْعَلُونَ) وهذه الصفات أضيق مما تقدم ؛ حيث أمروا بذبح بقرة ليست بالذلول ، وهي المذللة بالحراثة وسقي الأرض (٢) بالساقية ، مسلمة ، وهي الصحيحة التي لا عيب فيها ، قاله أبو العالية وقتادة. وقوله : (لا شِيَةَ فِيها) أي ليس فيها لون يخالف لونها ، بل هي مسلمة من العيوب ، ومن مخالطة سائر الألوان غير لونها. فلما حددها بهذه الصفات ، وحصرها بهذه النعوت والأوصاف (قالُوا الْآنَ جِئْتَ بِالْحَقِّ).
ويقال إنهم لم يجدوا هذه البقرة بهذه الصفة إلا عند رجل منهم كان بارا بأبيه ، فطلبوها منه فأبى عليهم ، فأرغبوه في ثمنها حتى أعطوه ، فيما ذكره السدي ، بوزنها ذهبا فأبى عليهم ، حتى أعطوه بوزنها عشر مرات ، فباعها منهم.
فأمرهم نبي الله موسى بذبحها (فَذَبَحُوها وَما كادُوا يَفْعَلُونَ) أي وهم يترددون في أمرها. ثم امرهم عن الله أن يضربوا ذلك القتيل ببعضها قيل بلحم فخذها ، وقيل بالعظم الذي يلي الغضروف (٣) وقيل بالبضعة التي بين الكتفين ، فلما ضربوه ببعضها أحياه الله تعالى ، فقام وهو تشخب أوداجه ، فسأله نبي الله موسى من قتلك؟ قال : قتلني ابن أخي. ثم عاد ميتا كما كان.
__________________
(١) الحديث رواه ابن كثير في تفسيره (١ / ١٦٥ / عمدة التفاسير) وقال أحمد شاكر محققه في تعليقه على هذا الحديث ما نصه «في إسناده سرور بن المغيرة ، عن عباد بن منصور. وسرور بن المغيرة بن زاذان تكلم فيه الأزدي. والصواب أنه ثقة.
ذكره ابن حبان في الثقات. وترجمه البخاري في الكثير (٢ / ٢ / ٢١ /) وابن أبي حاتم (٢ / ١ / ٣٢٥). فلم يذكروا فيه جرحا. وقد ذكر الهيثمي هذا الحديث بنحوه ، مختصرا ، في مجمع الزوائد (٦ / ٣١٤). وقال : رواه البزار وفيه عباد بن منصور هو ضعيف ، وبقية رجاله ثقات» والحق أن عباد بن منصور ثقة ، ولكن تغير حفظه أخيرا. فلعله وهم في رفعه ويكون الراجح وقفه على أبي هريرة. كما قال الحافظ بن كثير» أ. ه.
(٢) و : وسقي الحرث.
(٣) و : الذي في الغضروف.