قائمة الکتاب

إعدادات

في هذا القسم، يمكنك تغيير طريقة عرض الكتاب
بسم الله الرحمن الرحيم

قصص الأنبياء

132/543
*

ذكر مناظرة إبراهيم الخليل مع من أراد أن ينازع الجليل

في إزار العظمة ورداء الكبرياء فادعى الربوبية : وهو أحد العبيد الضعفاء

قال الله تعالى : (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَاجَّ إِبْراهِيمَ فِي رَبِّهِ أَنْ آتاهُ اللهُ الْمُلْكَ ؛ إِذْ قالَ إِبْراهِيمُ رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ ، قالَ أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ قالَ إِبْراهِيمُ فَإِنَّ اللهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِها مِنَ الْمَغْرِبِ ، فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ ، وَاللهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ).

يذكر تعالى مناظرة خليله مع هذا الملك الجبار المتمرد ، الذي ادعى لنفسه الربوبية ، فأبطل الخليل عليه دليله ، وبين كثرة جهله وقلة عقله ، وألجمه الحجة ، وأوضح له طريق المحجة.

قال المفسرون وغيرهم من علماء النسب والأخبار : وهذا الملك هو ملك بابل ، واسمه النمرود بن كنعان بن كوش بن سام بن نوح. قاله مجاهد. وقال غيره : نمرود بن فالح بن عابر إبن صالح بن أرفخشذ بن سام بن نوح.

قال مجاهد وغيره : وكان أحد ملوك الدنيا ، فإنه قد ملك الدنيا فيما ذكروا أربعة مؤمنان وكافران ؛ فالمؤمنان : ذو القرنين وسليمان ، والكافران : النمرود وبختنصر.

وذكروا أن نمرود هذا استمر في ملكه أربعمائة سنة. وكان طغى وبغى ، وتجبر وعتا ، وآثر الحياة الدنيا.

ولما دعاه إبراهيم الخليل إلى عبادة الله وحده لا شريك له ، حمله الجهل والضلال وطول الآمال على إنكار الصانع ، فحاج إبراهيم الخليل في ذلك ، وادعى لنفسه الربوبية. فلما قال الخليل : (رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ ، قالَ أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ).

قال قتادة والسدي ومحمد بن إسحاق : يعني أنه إذا أوتي بالرجلين قد تحتم قتلهما ، فإذا أمر بقتل أحدهما وعفا عن الآخر فكأنه قد أحيا هذا وأمات الاخر.

وهذا ليس بمعارضة للخليل ، بل هو كلام وخارج عن مقام المناظرة ، ليس بمنع ولا بمعارضة ، بل هو تشغيب محض ، وهو انقطاع في الحقيقة ؛ فإن الخليل استدل على وجود الصانع