ذكر خراب بيت المقدس
وقوله تعالى : (وَآتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ وَجَعَلْناهُ هُدىً لِبَنِي إِسْرائِيلَ أَلَّا تَتَّخِذُوا مِنْ دُونِي وَكِيلاً* ذُرِّيَّةَ مَنْ حَمَلْنا مَعَ نُوحٍ إِنَّهُ كانَ عَبْداً شَكُوراً* وَقَضَيْنا إِلى بَنِي إِسْرائِيلَ فِي الْكِتابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الْأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيراً* فَإِذا جاءَ وَعْدُ أُولاهُما بَعَثْنا عَلَيْكُمْ عِباداً لَنا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجاسُوا خِلالَ الدِّيارِ وَكانَ وَعْداً مَفْعُولاً* ثُمَّ رَدَدْنا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وَأَمْدَدْناكُمْ بِأَمْوالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْناكُمْ أَكْثَرَ نَفِيراً* إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَها فَإِذا جاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ لِيَسُوؤُا وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَما دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُوا ما عَلَوْا تَتْبِيراً* عَسى رَبُّكُمْ أَنْ يَرْحَمَكُمْ وَإِنْ عُدْتُمْ عُدْنا وَجَعَلْنا جَهَنَّمَ لِلْكافِرِينَ حَصِيراً.)
[١٧ / الإسراء : ٢ ـ ٨]
وقال وهب بن منبه (١) : أوحى الله إلى نبي من أنبياء بني إسرائيل يقال له أرميا حين ظهرت فيهم المعاصي : أن قم بين ظهراني قومك فأخبرهم أن لهم قلوبا ولا يفقهون ، وأعينا ولا يبصرون ، وآذانا ولا يسمعون ، وإني تذكرت صلاح آبائهم فعطفني ذلك على أبنائهم. فسلهم كيف وجدوا غب طاعتي ، وهل سعد أحد ممن عصاني بمعصيتي ، وهل شقي أحد ممن أطاعني بطاعتي؟ إن الدواب تذكر أوطانها فتنزع إليها وإن هؤلاء القوم تركوا الأمر الذي أكرمت عليه آباءهم والتمسوا الكرامة من غير وجهها ، أما أحبارهم فأنكروا حقي وأمانساكهم فعبدوا غيري ، وأما قراؤهم فلم ينتفعوا بما علموا ، وأما ولاتهم فكذبوا عليّ وعلى رسلي ، خزنوا المكر في قلوبهم ، وعودوا الكذب ألسنتهم وأني أقسم بجلالي وعزتي لأهيجن عليهم جيولا لا يفقهون ألسنتهم ، ولا يعرفون وجوههم ، ولا يرحمون بكاءهم ، ولأبعثن فيهم ملكا جبارا قاسيا له عساكر كقطع السحاب ومواكب كأمثال الفجاج كأن خفقان راياته طيران النسور وكأن حمل فرسانه كر العقبان يعيدون العمران خرابا ويتركون القرى وحشة ، فيا ويل إليا وسكانها كيف أذلهم بالقتل وأسلط عليهم السبا وأعيد بعد لجب الأعراس صراخا ، وبعد صهيل الخيل عواء الذئاب ، وبعد شرفات القصور مساكن السباع وبعد ضوء السرج وهج العجاج وبالعز ذلا (٢) وبالنعمة العبودية وأبدلن (٣) نساءهم بعد
__________________
(١) تاريخ ابن عساكر (٢ / ٣٨٥ ، ٣٨٦ / تهذيب).
(٢) في تهذيب تاريخ ابن عساكر الذل كما في و.
(٣) في تهذيب ابن عساكر ولأبدلن.