فلما وضع الخليل عليهالسلام في كفة المنجنيق مقيدا مكتوفا ثم ألقوه منه إلى النار قال :
حسبنا الله ونعم الوكيل ، كما روى البخاري عن ابن عباس أنه قال : حسبنا الله ونعم الوكيل ، قالها إبراهيم حين ألقي في النار ، وقالها محمد حين قيل له : (إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزادَهُمْ إِيماناً ، وَقالُوا حَسْبُنَا اللهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ* فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ) الآية.
وقال أبو يعلى : حدثنا أبو هشام الرفاعي ، حدثنا إسحق بن سليمان ، عن أبي جعفر الرازي ، عن عاصم بن أبي النجود ، عن أبي صالح ، عن أبي هريرة قال : قال صلىاللهعليهوسلم : «لما ألقى إبراهيم في النار قال : اللهم إنك في السماء واحد ، وأنا في الأرض واحد أعبدك!»
وذكر بعض السلف أن جبريل عرض له في الهواء فقال : يا إبراهيم ألك حاجة؟ فقال : أما إليك فلا!
ويروى عن ابن عباس وسعيد بن جبير أنه قال : جعل ملك المطر يقول متى أومر فأرسل المطر؟ فكان أمر الله أسرع.
(قُلْنا يا نارُ كُونِي بَرْداً وَسَلاماً عَلى إِبْراهِيمَ). قال علي بن أبي طالب : أي لا تضربه.
وقال ابن عباس وأبو العالية : لولا أن الله قال : وسلاما على إبراهيم لآذى إبراهيم بردها.
وقال كعب الأحبار : لم ينتفع أهل الأرض يومئذ بنار ، ولم تحرق منه سوى وثاقه.
وقال الضحاك : يروى أن جبريل عليهالسلام كان معه يمسح العرق عن وجهه لم يصبه منها شيء غيره.
وقال السدي : كان معه أيضا ملك الظل ، وصار إبراهيم عليهالسلام في ميل الحوبة حوله نار وهو في روضة خضراء ؛ والناس ينظرون إليه لا يقدرون على الوصول ولا هو يخرج إليهم.
فعن أبي هريرة أنه قال : أحسن كلمة قالها أبو إبراهيم ، إذ قال لما رأى ولده على تلك الحال : نعم الرب ربك يا إبراهيم!
وروى ابن عساكر عن عكرمة (١) ، أن أم إبراهيم نظرت إلى ابنها عليهالسلام فنادته : يا
__________________
(١) الرواية ذكرها ابن عساكر مطولة في تاريخه (٢ / ١٤٥ / تهذيب ونصها :
حكى عكرمة بلفظ «إن نار الدنيا كلها لم ينتفع بها يومئذ أحد من أهلها قال فلما أخرج الله إبراهيم من النار زاد في حسنه وجماله سبعين ضعفا وقال إنه لما ألقى في النار قالت أمه لقد كان ابني يقول إن له ربا يمنعه وأراه يلقي في النار مما ينفعه وإني مطلعة على هذه النار أنظر إلى أبني ما فعل فعملت لها سلما ثم طلعت على السلم حتى إذا أشرفت أبصرت إبراهيم في وسط النار فنادته أمه يا إبراهيم فلما رآها قال لها يا أمه ألا ترين ما صنع الله بي قالت يا بني لو لا أني أخاف النار لمشيت إليك فقال يا أمه انزلي وتعالي فقالت يا بني ادع إلهك أن يجعل لي طريقا فدعا ربه فجعل لها طريقا ثم نزلت فقالت إني أخاف فقال لا تخافي هل تجدين من حر النار شيئا قالت لا فسارت اليه حتى إذا دنت منه ضمته إلى صدرها وجعلت تقبله ـ ـ فقال لها يا أمه ارجعي عما أنت عليه فالتفتت لترجع فإذا بالنار قد التهبت فقالت أسألك بحق إلهك ألا ما دعوت ربك أن يبعد النار عن طريقي فدعا ربه فمرت حتى إذا كانت على رأس الحائط وأرادت؟ ن تنزل نادت يا إبراهيم ابني عليك السلام ثم ذهبت «أ. ه».