بني إني أريد أن أجيء إليك فادع الله أن ينجيني من حر النار حولك ، فقال : نعم. فأقبلت إليه لا يمسها شيء من حر النار ، فلما وصلت إليه اعتنقته وقبلته ثم عادت.
وعن المنهال بن عمرو أنه قال : أخبرت أن إبراهيم مكث هناك إما أربعين وإما خمسين يوما ، وأنه قال : ما كنت أياما وليالي أطيب عيشا إذ كنت فيها ، ووددت أن عيشي وحياتي كلها مثل إذ كنت فيها. صلوات الله وسلامه عليه.
فأرادوا أن ينتصروا فخذلوا ، وأرادوا أن ينتفعوا فاتضعوا ، وأرادوا أن يغلبوا فغلبوا. قال الله تعالى : (وَأَرادُوا بِهِ كَيْداً فَجَعَلْناهُمُ الْأَخْسَرِينَ) وفي الآية الأخرى (الْأَسْفَلِينَ) ففازوا بالخسارة والسفال هذا في الدنيا ؛ وأما في الآخرة فإن نارهم لا تكون عليهم بردا ولا سلاما ، ولا يلقون فيها تحية ولا سلاما ، بل هي كما قال تعالى : (إِنَّها ساءَتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقاماً).
قال البخاري : حدثنا عبيد الله (١) بن موسى ، أو ابن سلام عنه ، أنبأنا ابن جريج ، عن عبد الحميد بن جبير ، عن سعيد بن المسيب ، عن أم شريك ، أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم أمر بقتل الوزغ ، وقال : «كان ينفخ على إبراهيم عليهالسلام».
ورواه مسلم من حديث ابن جريج ، وأخرجه النسائي وابن ماجه من حديث سفيان ابن عيينة ، كلاهما عن عبد الحميد بن جبير بن شيبة به.
وقال أحمد ؛ حدثنا محمد بن بكر ، حدثنا ابن جريج ، أخبرني عبد الله بن عبد الرحمن ابن أبي أمية ، أن نافعا مولى ابن عمر أخبره أن عائشة أخبرته أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : «اقتلوا الوزغ فإنه كان ينفخ النار على إبراهيم». قال : فكانت عائشة تقتلهن.
وقال أحمد : حدثنا إسماعيل ، حدثنا أيوب عن نافع ، أن امرأة دخلت على عائشة فإذا رمح منصوب فقالت : ما هذا الرمح؟ فقالت : نقتل به الأوزاغ ؛ ثم حدثت عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «أن إبراهيم لما ألقى في النار جعلت الدواب كلها تطفىء عنه إلا الوزغ ، فإنه جعل ينفخها عليه» (٢).
تفرد به أحمد من هذين الوجهين.
__________________
(١) وقع في المخطوطة والمطبوعة «عبد الله» وهذا خطأ والتصويب من البخاري.
(٢) الحديث رواه البخاري في صحيحه (٦٠ / ٨ / ٣٣٥٩ / فتح). ورواه مسلم في صحيحه (٧ / ٤١ / إستانبول. ورواه أبو داود في سننه كتاب الأدب ـ باب في قتل الأوزاغ (٢ / ١٥٥ / حلبي). ورواه ابن عساكر في تاريخه (٢ / ١٤٦ / تهذيب).
اللغة :
الوزغ : حشرة يقال لكبارها سام أبرص.