(وَأَتْبَعْناهُمْ فِي هذِهِ الدُّنْيا لَعْنَةً وَيَوْمَ الْقِيامَةِ هُمْ مِنَ الْمَقْبُوحِينَ (٤٢) وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ مِنْ بَعْدِ ما أَهْلَكْنَا الْقُرُونَ الْأُولى بَصائِرَ لِلنَّاسِ وَهُدىً وَرَحْمَةً لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ (٤٣) وَما كُنْتَ بِجانِبِ الْغَرْبِيِّ إِذْ قَضَيْنا إِلى مُوسَى الْأَمْرَ وَما كُنْتَ مِنَ الشَّاهِدِينَ (٤٤) وَلكِنَّا أَنْشَأْنا قُرُوناً فَتَطاوَلَ عَلَيْهِمُ الْعُمُرُ وَما كُنْتَ ثاوِياً فِي أَهْلِ مَدْيَنَ تَتْلُوا عَلَيْهِمْ آياتِنا وَلكِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ) (٤٥)
يدلّون على سبيل الرشاد ، وفيه دلالة خلق أفعال العباد (وَيَوْمَ الْقِيامَةِ لا يُنْصَرُونَ) من العذاب.
٤٢ ـ (وَأَتْبَعْناهُمْ فِي هذِهِ الدُّنْيا لَعْنَةً) ألزمناهم طردا وإبعادا عن الرحمة ، وقيل هو ما يلحقهم من لعن الناس إيّاهم بعدهم (وَيَوْمَ الْقِيامَةِ هُمْ مِنَ الْمَقْبُوحِينَ) المطرودين المبعدين ، أو المهلكين المشوّهين بسواد الوجوه وزرقة العيون ، ويوم ظرف للمقبوحين.
٤٣ ـ (وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ) التوراة (مِنْ بَعْدِ ما أَهْلَكْنَا الْقُرُونَ الْأُولى) قوم نوح وهود وصالح ولوط عليهمالسلام (بَصائِرَ لِلنَّاسِ) حال من الكتاب ، والبصيرة نور القلب الذي يبصر به الرشد والسعادة ، كما أنّ البصر نور العين الذي تبصر به (١) يريد آتيناه التوراة أنوارا للقلوب لأنها كانت عميا (٢) لا تستبصر ولا تعرف حقا من باطل (وَهُدىً) وإرشادا ، لأنهم كانوا يخبطون في ضلال (وَرَحْمَةً) لمن اتّبعها ، لأنهم إذا عملوا بها وصلوا إلى نيل الرحمة (لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ) يتّعظون.
٤٤ ـ (وَما كُنْتَ) يا محمد (بِجانِبِ) الجبل (الْغَرْبِيِ) وهو المكان الواقع في شقّ الغرب ، وهو الذي وقع فيه ميقات موسى (إِذْ قَضَيْنا إِلى مُوسَى الْأَمْرَ) أي كلمناه وقرّبناه نجيّا (وَما كُنْتَ مِنَ الشَّاهِدِينَ) من جملة الشاهدين للوحي إليه حتى تقف من جهة المشاهدة على ما جرى من أمر موسى في ميقاته.
٤٥ ـ (وَلكِنَّا أَنْشَأْنا) بعد موسى (قُرُوناً فَتَطاوَلَ عَلَيْهِمُ الْعُمُرُ) أي طالت أعمارهم ، وفترت النبوة ، وكادت الأخبار تخفى ، واندرست العلوم ، ووقع التحريف في كثير منها ، فأرسلناك مجدّدا لتلك الأخبار ، مبيّنا ما وقع فيه التحريف ، وأعطيناك العلم بقصص الأنبياء وقصة موسى ، كأنه قال وما كنت شاهدا لموسى وما جرى
__________________
(١) في (ز) الذي يبصر به الأجساد.
(٢) في (ز) عمياء.