(لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَإِنَّ اللهَ لَهُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ (٦٤) أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ سَخَّرَ لَكُمْ ما فِي الْأَرْضِ وَالْفُلْكَ تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ وَيُمْسِكُ السَّماءَ أَنْ تَقَعَ عَلَى الْأَرْضِ إِلاَّ بِإِذْنِهِ إِنَّ اللهَ بِالنَّاسِ لَرَؤُفٌ رَحِيمٌ (٦٥) وَهُوَ الَّذِي أَحْياكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ إِنَّ الْإِنْسانَ لَكَفُورٌ (٦٦) لِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنا مَنْسَكاً هُمْ ناسِكُوهُ فَلا يُنازِعُنَّكَ فِي الْأَمْرِ وَادْعُ إِلى رَبِّكَ إِنَّكَ لَعَلى هُدىً مُسْتَقِيمٍ) (٦٧)
(إِنَّ اللهَ لَطِيفٌ) واصل عمله أو فضله إلى كلّ شيء (خَبِيرٌ) بمصالح الخلق ومنافعهم ، أو اللطيف المختصّ بدقيق التدبير ، والخبير المحيط بكلّ قليل وكثير.
٦٤ ـ (لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ) ملكا وملكا (وَإِنَّ اللهَ لَهُوَ الْغَنِيُ) المستغني بكمال قدرته بعد فناء ما في السماوات وما في الأرض (الْحَمِيدُ) المحمود بنعمته قبل ثناء من في السماوات ومن في الأرض.
٦٥ ـ (أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ سَخَّرَ لَكُمْ ما فِي الْأَرْضِ) من البهائم مذّللة للركوب في البرّ (وَالْفُلْكَ تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ) أي ومن المراكب جارية في البحر ، ونصب الفلك عطفا على ما ، وتجري حال لها ، أي وسخّر لكم الفلك في حال جريها (وَيُمْسِكُ السَّماءَ أَنْ تَقَعَ عَلَى الْأَرْضِ) أي يحفظها من أن تقع (إِلَّا بِإِذْنِهِ) بأمره أو بمشيئته (إِنَّ اللهَ بِالنَّاسِ لَرَؤُفٌ) بتسخير ما في الأرض (رَحِيمٌ) بإمساك السماء لئلا تقع على الأرض. عدّد آلاءه مقرونة بأسمائه ليشكروه على آلائه ويذكروه بأسمائه ، وعن أبي حنيفة رحمهالله أنّ اسم الله الأعظم في الآيات الثمانية يستجاب لقارئها (١) البتة.
٦٦ ـ (وَهُوَ الَّذِي أَحْياكُمْ) في أرحام أمهاتكم (ثُمَّ يُمِيتُكُمْ) عند انقضاء آجالكم (ثُمَّ يُحْيِيكُمْ) لإيصال جزائكم (إِنَّ الْإِنْسانَ لَكَفُورٌ) لجحود لما أفاض عليه من ضروب النّعم ودفع عنه من صنوف النّقم ، أو لا يعرف نعمة الإنشاء المبدئ للوجود ، ولا الإفناء المقرّب إلى الموعود ، ولا الإحياء الموصل إلى المقصود.
٦٧ ـ (لِكُلِّ أُمَّةٍ) أهل دين (جَعَلْنا مَنْسَكاً) مرّ بيانه ، وهو ردّ لقول من يقول إنّ الذبح ليس بشريعة الله إذ هو شريعة كلّ أمة (هُمْ ناسِكُوهُ) عاملون به (فَلا يُنازِعُنَّكَ) فلا يجادلنّك ، والمعنى فلا تلتفت إلى قولهم ولا تمكّنهم من أن ينازعوك (فِي الْأَمْرِ) أمر الذبائح أو الدين. نزلت حين قال المشركون للمسلمين : ما
__________________
(١) في (ز) لقرائها.