(يُصْهَرُ بِهِ ما فِي بُطُونِهِمْ وَالْجُلُودُ (٢٠) وَلَهُمْ مَقامِعُ مِنْ حَدِيدٍ (٢١) كُلَّما أَرادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْها مِنْ غَمٍّ أُعِيدُوا فِيها وَذُوقُوا عَذابَ الْحَرِيقِ (٢٢) إِنَّ اللهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ يُحَلَّوْنَ فِيها مِنْ أَساوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤاً وَلِباسُهُمْ فِيها حَرِيرٌ) (٢٣)
الفريق ، وقوله (اخْتَصَمُوا) للمعنى ، وهذان للفظ ، والمراد المؤمنون والكافرون ، وقال ابن عباس رضي الله عنهما رجع إلى أهل الأديان المذكورة ، فالمؤمنون خصم وسائر الخمسة خصم (فِي رَبِّهِمْ) في دينه وصفاته ، ثم بيّن جزاء كلّ خصم بقوله (فَالَّذِينَ كَفَرُوا) وهو فصل الخصومة ، المعنيّ بقوله إن الله يفصل بينهم يوم القيامة (قُطِّعَتْ لَهُمْ ثِيابٌ مِنْ نارٍ) كأنّ الله يقدّر لهم نيرانا على مقادير جثتهم تشتمل عليهم كما تقطّع الثياب الملبوسة ، واختير لفظ الماضي لأنه كائن لا محالة فهو كالثابت المتحقق (يُصَبُّ مِنْ فَوْقِ رُؤُسِهِمُ) بكسر الهاء والميم بصري ، وبضمهما حمزة وعليّ وخلف وبكسر الهاء وضم الميم غيرهم (الْحَمِيمُ) الماء الحارّ ، عن ابن عباس رضي الله عنهما : لو سقطت منه نقطة على جبال الدنيا لأذابتها.
٢٠ ـ (يُصْهَرُ) يذاب (بِهِ) بالحميم (ما فِي بُطُونِهِمْ وَالْجُلُودُ) أي يذيب أمعاءهم وأحشاءهم كما يذيب جلودهم فيؤثر في الظاهر والباطن.
٢١ ـ (وَلَهُمْ مَقامِعُ) سياط مختصة بهم (مِنْ حَدِيدٍ) يضربون بها.
٢٢ ـ (كُلَّما أَرادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْها) من النار (مِنْ غَمٍ) بدل الاشتمال من منها بإعادة الجار ، أو الأولى لابتداء الغاية والثانية بمعنى من أجل ، يعني كلّما أرادوا الخروج من النار من أجل غم يلحقهم فخرجوا (أُعِيدُوا فِيها) بالمقامع ، ومعنى الخروج عند الحسن : أنّ النار تضربهم بلهبها فتلقيهم إلى أعلاها ، فضربوا بالمقامع فهووا فيها سبعين خريفا ، والمراد إعادتهم إلى معظم النار لا أنهم ينفصلون عنها بالكلّية ثم يعودون إليها (وَذُوقُوا) أي وقيل لهم ذوقوا (عَذابَ الْحَرِيقِ) هو الغليظ من النار المنتشر العظيم الإهلاك. ثم ذكر جزاء الخصم الآخر فقال:
٢٣ ـ (إِنَّ اللهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ يُحَلَّوْنَ فِيها مِنْ أَساوِرَ) جمع أسورة جمع سوار (مِنْ ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤاً) بالنصب مدني وعاصم وعليّ ، ويؤتون لؤلؤا ، وبالجر غيرهم عطفا على من ذهب ، وبترك الهمزة الأولى في كلّ القرآن أبو بكر وحماد (وَلِباسُهُمْ فِيها