بعض ، نهى بعضهم بعضا أن يحدّثوا بما فتح الله عليهم وبيّن لهم في كتابه من أمر محمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم ونعته ونبوّته ، وقالوا : إنّكم إذا فعلتم ذلك احتجّوا عليكم بذلك عند ربّكم (أَفَلا تَعْقِلُونَ. أَوَلا يَعْلَمُونَ أَنَّ اللهَ يَعْلَمُ ما يُسِرُّونَ وَما يُعْلِنُونَ) قال : ما يعلنون من أمرهم وكلامهم إذا لقوا الّذين آمنوا ، وما يسرّون إذا خلا بعضهم إلى بعض من كفرهم بمحمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم وتكذيبهم به ، وهم يجدونه مكتوبا عندهم (١).
[٢ / ٢٤٤٧] وأخرج ابن جرير عن ابن زيد قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «لا يدخلنّ علينا قصبة المدينة إلّا مؤمن! فقال رؤساء اليهود : اذهبوا فقولوا آمنّا ، واكفروا إذا رجعتم إلينا فكانوا يأتون المدينة بالبكر (٢) ويرجعون إليهم بعد العصر ، وهو قوله : (وَقالَتْ طائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ آمِنُوا بِالَّذِي أُنْزِلَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَجْهَ النَّهارِ وَاكْفُرُوا آخِرَهُ)(٣) وكانوا يقولون : إذا دخلوا المدينة : نحن مسلمون ، ليعلموا خبر رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وأمره ، فكان المؤمنون يظنّون أنّهم مؤمنون ، فيقولون لهم : أليس قد قال الله لكم في التوراة كذا وكذا؟ فيقولون : بلى. فإذا رجعوا إلى قومهم قالوا : (أَتُحَدِّثُونَهُمْ بِما فَتَحَ اللهُ عَلَيْكُمْ ...) الآية» (٤).
[٢ / ٢٤٤٨] وأخرج ابن إسحاق وابن جرير عن ابن عبّاس في قوله : (وَإِذا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قالُوا آمَنَّا) أي بصاحبكم رسول الله ، ولكنّه إليكم خاصّة ، وإذا خلا بعضهم إلى بعض قالوا : لا تحدّثوا العرب بهذا ، فإنّكم قد كنتم تستفتحون به عليهم ، فكان منهم. (لِيُحَاجُّوكُمْ بِهِ عِنْدَ رَبِّكُمْ) أي يقرّون بأنّه نبيّ وقد علمتم أنّه قد أخذ عليكم الميثاق باتّباعه وهو يخبرهم أنّه النبي الذي كان ينتظر ونجده في كتابنا ، اجحدوه ولا تقرّوا لهم به (٥).
[٢ / ٢٤٤٩] وقال عليّ بن إبراهيم إنّها نزلت في اليهود وقد كانوا أظهروا الإسلام وكانوا منافقين وكانوا إذا رأوا رسول الله قالوا : إنّا معكم ، وإذا رأوا اليهود قالوا : إنّا معكم ، وكانوا يخبرون المسلمين بما في التوراة من صفة رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وأصحابه ، فقال لهم كبراؤهم وعلماؤهم (أَتُحَدِّثُونَهُمْ بِما فَتَحَ
__________________
(١) الدرّ ١ : ٢٠٠ ؛ الطبري ١ : ٥٢٤ و ٥٢٧ / ١١١٠ و ١١١٦.
(٢) البكر : أوّل كلّ شيء.
(٣) آل عمران ٣ : ٧٢.
(٤) الدرّ ١ : ١٩٩ ؛ الطبري ١ : ٥٢٥ / ١١١٥ ؛ ابن كثير ١ : ١٢٠.
(٥) الدرّ ١ : ١٩٨ ؛ الطبري ١ : ٥٢٣ / ١١٠٨ ؛ ابن كثير ١ : ١١٩ ـ ١٢٥ ؛ مجمع البيان ١ : ٢٧٢ ـ ٢٧٣ ؛ التبيان ١ : ٣١٥.