عبد الرحمان بن زيد. غير أنّه مخالف لقراءة القرّاء المعروفين.
وأمّا ما حكي عن عطيّة والرواة عنه : أنّ «راعنا» كلمة يهوديّة بمعنى السبّ والسخريّة ، فاستعملها المسلمون أخذا منهم اغترارا بهم!!! فإنّ ذلك غير جائز في صفة المؤمنين أن يأخذوا من كلام أهل الشرك والضلال كلاما لا يعرفونه ولا يدرون معناه ، فيستعملونه بينهم وفي خطاب نبيّهم ، نعم يجوز أن يكون ذلك ممّا روي عن قتادة : أنّها كانت كلمة صحيحة مفهومة من كلام العرب ، سوى أنّها وافقت بعض الشيء مع كلام اليهود بالعبريّة ما يؤدّي معنى الفحش والمسبّة فيكون معناها بالعبريّة خلاف معناها بالعربيّة ، فنهى الله المؤمنين عن قيلها للنبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم لئلا يجترىء من كان يريد السوء بهذا القيل.
قال أبو جعفر : وهذا تأويل لم يأت الخبر بأنّه كذلك من الوجه الذي تقوم به الحجّة. فالذي هو أولى بتأويل الآية ما وصفناه ، وكان هو الظاهر المفهوم من الآية.
قال : وقد حكي عن الحسن البصري أنّه قرأ «راعنا» بالتنوين ، من الرعونة وهي الحمق والجهل لكنّها قراءة تخالف قراءة سائر المسلمين ، ولا هي جائزة ، لشذوذها وخروجها عن قراءة المتقدّمين والمتأخّرين وخلاف ما قامت به الحجّة من المسلمين. (١)
قوله تعالى : (ما يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ وَلَا الْمُشْرِكِينَ أَنْ يُنَزَّلَ عَلَيْكُمْ مِنْ خَيْرٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَاللهُ يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَنْ يَشاءُ وَاللهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ)
هذه الآية الكريمة تكشف للمسلمين عمّا تكنّه لهم صدور اليهود حولهم ، وكذا المشركون ، من الشرّ والعداء والبغضاء ، وعمّا تنغل (٢) به قلوبهم من الحقد والحسد ، بسبب أن اختص الله هذه الأمّة من الفضل والرحمة والبركة فليحذروا أعداءهم ، وليستمسكوا بما حسدتهم الأعداء عليه من الإيمان والالتفاف حول محور التوحيد : كلمة التوحيد وتوحيد الكلمة ، فليشكروا الله عليه وليستديموا على الحفاظ عليه.
__________________
(١) الطبري ١ : ٦٥٦ ـ ٦٥٧.
(٢) يقال : نغلت نيّته إذا ساءت. ونغل قلبه عليه إذا ضغن وحقد عليه.