ترون من هذه المصوّرات بصورها فإنّما هي أشباهها لا هي بأعيانها ولا من نسلها ...
قال الباقر عليهالسلام : فلمّا حدّث عليّ بن الحسين عليهماالسلام بهذا الحديث قال له بعض من في مجلسه : يا ابن رسول الله كيف يعاقب الله ويوبّخ هؤلاء الأخلاف على قبائح أتى بها أسلافهم وهو يقول : (وَلا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى)(١)؟ فقال زين العابدين عليهالسلام : إنّ القرآن نزل بلغة العرب ، فهو يخاطب فيه أهل اللسان بلغتهم ، يقول الرجل التميمي ، وقد أغار قومه على بلد وقتلوا من فيه : قد أغرتم على بلد كذا وكذا وفعلتم كذا وكذا ، ويقول العربي أيضا : نحن فعلنا ببني فلان ونحن سبينا آل فلان ونحن خرّبنا بلد كذا ، لا يريد أنّهم باشروا ذلك ولكن يريد هؤلاء بالعذل وهؤلاء بالافتخار أنّ قومهم فعلوا كذا وكذا ، وقول الله ـ عزوجل ـ في هذه الآيات إنّما هو توبيخ لأسلافهم وتوبيخ العذل على هؤلاء الموجودين لأنّ ذلك هو اللغة التي بها نزل القرآن ، ولأنّ هؤلاء الأخلاف أيضا راضون بما فعل أسلافهم مصوّبون ذلك لهم ، فجاز أن يقال : أنتم فعلتم إذ رضيتم قبيح فعلهم» (٢).
[٢ / ٢٣٦٥] وروى العيّاشي عن عبد الصمد بن برار قال : سمعت أبا الحسن عليهالسلام يقول : «كانت القردة ، هم اليهود الّذين اعتدوا في السبت فمسخهم الله قرودا» (٣).
كلام عن المسوخ
يقع الكلام هنا من جهتين :
الأولى : هل هناك في القرآن ما دلّ صريحا على وقوع المسخ في الأجساد لا في القلوب فحسب؟
الثانية : هل صحّ ما ورد من روايات بشأن وقوع المسخ في أمم سالفة لينقلبوا إلى بهائم وعجماوات؟
أمّا القرآن فلا موضع فيه يدلّنا على ذلك صريحا ، وانّما هي تعابير أشبه بالاستعارة منها إلى
__________________
(١) الأنبياء ٢١ : ١٦٤.
(٢) تفسير الإمام : ٢٦٨ ـ ٢٧٢ / ١٣٦ ـ ١٣٩ ؛ البرهان ١ : ٢٣٣ ـ ٢٣٧ / ٩.
(٣) العيّاشي ١ : ٦٤ / ٥٥ ؛ البرهان ١ : ٢٣٣ / ٦ ؛ البحار ١٤ : ٥٥ / ٨ ، باب ٤.