إليه قال : لا أنقصها من مائتي دينار. قال : هو أعلم إن شاء باعها وإن شاء لم يبعها ، فعادوا إليه فقالوا :
قد أخذناها بمائتي دينار. فقال : لا أنقصها من أربعمائة دينار. قالوا : قد كنت أعطيتناها بمائتي دينار فقد أخذناها! فقال : ليس أنقصها من أربعمائة دينار ، فتركوها وعادوا إلى موسى فقالوا : قد أعطيناه مائتي دينار ، فأبى أن يأخذها وقال : لا أنقصها من أربعمائة دينار. فقال : هو أعلم هو صاحبها إن شاء باع وإن شاء لم يبع ، فرجعوا إليه فقالوا : قد أخذناها بأربعمائة دينار فقال : لا أنقصها من ثمانمائة دينار. فلم يزالوا يعودون إلى موسى ويعودون عليه ، فكلّما عادوا إليه أضعف عليهم الثمن حتّى قال : ليس أبيعها إلّا بملء مسكها ، فأخذوها فذبحوها فقال : اضربوه ببعضها ، فضربوه بفخذها فعاش. فقال : قتلني فلان.
فإذا هو رجل كان له عمّ ، وكان لعمّه مال كثير ، وكان له ابنة فقال : أقتل عمّي هذا وأرث ماله وأتزوّج ابنته ، فقتل عمّه فلم يرث شيئا ولم يورّث قاتل منذ ذلك شيئا ، قال موسى : إنّ لهذه البقرة لشأنا ادعوا إليّ صاحبها ، فدعوه فقال : أخبرني عن هذه البقرة وعن شأنها؟ قال : نعم. كنت رجلا أبيع في السوق وأشتري ، فسامني رجل ببضاعة عندي فبعته إيّاها ، وكنت قد أشرفت منها على فضل كبير ، فذهبت لآتيه بما قد بعته ، فوجدت المفتاح تحت رأس والدتي ، فكرهت أن أوقظها من نومها ، ورجعت إلى الرجل فقلت : ليس بيني وبينك بيع ، فذهب ثمّ رجعت فنتجت لي هذه البقرة ، فألقى الله عليها منّي محبّة فلم يكن عندي شيء أحبّ إليّ منها ، فقيل له : إنّما أصبت هذا ببرّ والدتك (١).
***
وذكر الثعلبي : أنّه وجد قتيل في بني إسرائيل إسمه عاميل ولم يدروا قاتله واختلفوا في قاتله والسبب في قتله.
[٢ / ٢٤٠٨] فقال عطاء والسّدي : كان في بني إسرائيل رجل كثير المال وله ابن عمّ مسكين لا وارث له غيره فلمّا طال عليه موته قتله ليرثه.
__________________
(١) الدرّ ١ : ١٨٧ ـ ١٨٩ ؛ أبو الفتوح ٢ : ٣ ، بذكر صدر الحديث ؛ القرطبي ١ : ٤٥٦ ؛ الثعلبي ١ : ٢١٣.