فأتوا موسى فذكروا ذلك له فقال : (إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً قالُوا أَتَتَّخِذُنا هُزُواً قالَ أَعُوذُ بِاللهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْجاهِلِينَ) قال : فلو لم يعترضوا لأجزأت عنهم أدنى بقرة ولكنّهم شدّدوا فشدّد عليهم ، حتّى انتهوا إلى البقرة التي أمروا بذبحها ، فوجدوها عند رجل ليس له بقرة غيرها فقال : والله لا أنقصها من ملء جلدها ذهبا ، فذبحوها فضربوه ببعضها فقام ، فقالوا : من قتلك؟ فقال : هذا. لابن أخيه (١). ثمّ مال ميتا ، فلم يعط من ماله شيئا ولم يورّث قاتل بعد (٢).
[٢ / ٢٤٠٧] وأخرج سفيان بن عيينة عن عكرمة قال : كان لبني إسرائيل مسجد له اثنا عشر بابا ، لكلّ سبط منهم باب يدخلون منه ويخرجون ، فوجد قتيل على باب سبط من الأسباط قتل على باب سبط وجرّ إلى باب سبط آخر ، فاختصم فيه أهل السبطين. فقال هؤلاء : أنتم قتلتم هذا ، وقال الآخرون : بل أنتم قتلتموه ، ثمّ جررتموه إلينا. فاختصموا إلى موسى فقال : (إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً ...) الآية. (قالُوا ادْعُ لَنا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنا ما هِيَ قالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّها بَقَرَةٌ لا فارِضٌ وَلا بِكْرٌ عَوانٌ بَيْنَ ذلِكَ) قال : فذهبوا يطلبونها فكأنّها تعذّرت عليهم ، فرجعوا إلى موسى فقالوا : (ادْعُ لَنا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنا ما هِيَ ... وَإِنَّا إِنْ شاءَ اللهُ لَمُهْتَدُونَ) ولو لا أنّهم قالوا : إن شاء الله ما وجدوها (قالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّها بَقَرَةٌ لا ذَلُولٌ) ألا وإنّما كانت البقرة يومئذ بثلاثة دنانير ، ولو أنّهم أخذوا أدنى بقرهم فذبحوها كفتهم ولكنّهم شدّدوا فشدّد الله عليهم.
فذهبوا يطلبونها فيجدون هذه الصفة عند رجل فقالوا : تبيعنا هذه البقرة؟ قال : أبيعها. قالوا : بكم تبيعها؟ قال : بمائه دينار. فقالوا : إنّها بقرة بثلاثة دنانير! فأبوا أن يأخذوها ، فرجعوا إلى موسى فقالوا : وجدناها عند رجل فقال لا أنقصكم من مائة دينار ، وإنّها بقرة بثلاثة دنانير. قال : هو أعلم هو صاحبها ، إن شاء باع وإن شاء لم يبع ، فرجعوا إلى الرجل فقالوا : قد أخذناها بمائة دينار. فقال : لا أنقصها عن مائتي دينار. فقالوا ، سبحان الله ...! قد بعتنا بمائة دينار ورضيت فقد أخذناها. قال : ليس انقصها من مائتي دينار. فتركوها ورجعوا إلى موسى فقالوا له : قد أعطاناها بمائة دينار ، فلمّا رجعنا
__________________
(١) أي مشيرا إلى ابن أخيه.
(٢) الدرّ ١ : ١٨٦ ـ ١٨٧ ؛ الطبري ١ : ٤٧٩ ـ ٤٨٠ / ٩٧٨ ؛ ابن أبي حاتم ١ : ١٣٦ / ٦٩٠ ؛ البيهقي ٦ : ٢٢٠ ـ ٢٢١ ؛ عبد الرزّاق ١ : ٢٧٤ ـ ٢٧٥ / ٦٧ و ٧١.