قلت : إنما يوجب ذلك تفاوتا فيهما ، لو كان ذلك لاجل تفاوت في ناحية المقدمة ، لا فيما إذا لم يكن في ناحيتها أصلا كما هاهنا ضرورة أن الموصلية إنما تنتزع من وجود الواجب ، وترتبه عليها من دون اختلاف في ناحيتها ، وكونها في كلا الصورتين على نحو واحد وخصوصية واحدة ، ضرورة أن الاتيان بالواجب بعد الإتيان بها بالاختيار تارة ، وعدم الاتيان به كذلك أخرى ، لا يوجب تفاوتا فيها ، كما لا يخفى (١). وأما ما أفاده (قدسسره) : من أن مطلوبية المقدمة
______________________________________________________
وهذا مراده من قوله : «وان لم يكن بينهما تفاوت في الاثر» كما مر ، ومراده بالاثر الذي لا تفاوت فيه بين الموصلة وغيرها هو التمكن.
(١) وحاصل ان قلت : انه لا ننكر ان هناك تفاوتا بين الموصلة وغيرها في اتصاف احداهما بالايصال دون الاخرى ، إلّا ان هذا الاتصاف لا يعقل ان يكون هو الداعي للمطلوبية ، فإن الداعي إلى مطلوبية شيء انما يكون ما يتحمله ذات ما هو المطلوب من الاثر ، وأما ما هو خارج عن ذات المطلوب وان اوجب فرقا في الوصف إلّا انه لا يكون هو الداعي والغرض الذي تدور المطلوبية مداره ، والاثر الذي يتحمله ذات المقدمة هو التمكن ، واما الاتصاف بالموصلية وعدمها فهو إنما ينتزع عما هو خارج عن ذات ما هو المقدمة ، فانه ينتزع عن حصول الواجب عقبها وعدم حصوله ، وهذا امر خارج عما تتحمله المقدمة. وقد عرفت انه لا يكون الداعي والغرض الا ما تتحمله ذات المقدمة ، ففي ناحية ما هو مقدمة وما تتحمله المقدمة من الاثر الذي هو التمكن لا فرق بين الموصلة وغيرها ، فانه كما يحصل التمكن بالموصلة يحصل بغير الموصلة أيضا ، ففي ذات ما هو مقدمة متحملة لأثر يترتب على ذاتها لا فرق بينهما اصلا ، وهذا هو مراده من قوله : «انما يوجب ذلك» : أي هذا الفرق الذي ذكر بين الموصلة وغيرها «تفاوتا فيهما» : أي في فردي المقدمة من الموصلة وغيرها «لو كان ذلك لاجل تفاوت في ناحية المقدمة» وما يمكن ان تتحمله من الاثر على ذاتها