علينا الخصومة بعد الّذي كان بيننا في الدّنيا؟ قال : نعم قال : إنّ الأمر إذن لشديد» (١) انتهى.
(فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَذَبَ عَلَى اللهِ وَكَذَّبَ بِالصِّدْقِ إِذْ جاءَهُ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوىً لِلْكافِرِينَ (٣٢) وَالَّذِي جاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ أُولئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ (٣٣) لَهُمْ ما يَشاؤُنَ عِنْدَ رَبِّهِمْ ذلِكَ جَزاءُ الْمُحْسِنِينَ (٣٤) لِيُكَفِّرَ اللهُ عَنْهُمْ أَسْوَأَ الَّذِي عَمِلُوا وَيَجْزِيَهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ الَّذِي كانُوا يَعْمَلُونَ)(٣٥)
وقوله تعالى : (فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَذَبَ عَلَى اللهِ ...) الآية ، الإشارة بهذا الكذب إلى قولهم : «إن لله صاحبة وولدا» وقولهم : هذا حلال ، وهذا حرام ، افتراء على الله ، ونحو ذلك ، وكذّبوا أيضا بالصّدق ، وذلك تكذيبهم بما جاء به محمّد صلىاللهعليهوسلم ، ثم توعّدهم سبحانه توعّدا فيه احتقارهم بقوله : (أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوىً لِلْكافِرِينَ) وقرأ ابن مسعود : «والّذين جاءوا / بالصّدق وصدّقوا به» (٢) والصدق هنا القرآن والشرع بجملته ؛ وقالت فرقة «الذي» يراد به : «الذين» ، وحذفت النون ، قال* ع* : وهذا غير جيّد وتركيب «جاء» عليه يردّ ذلك ، بل «الذي» هاهنا هي للجنس ، والآية معادلة لقوله : (فَمَنْ أَظْلَمُ). قال قتادة وغيره : الذي جاء بالصّدق هو محمّد ـ عليهالسلام ـ والّذي صدّق به هم المؤمنون (٣) ؛ وهذا أصوب الأقوال ، وذهب قوم إلى أن الذي صدّق به أبو بكر ، وقيل : عليّ وتعميم اللفظ أصوب.
وقوله سبحانه : (أُولئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ) قال ابن عبّاس : اتّقوا الشرك (٤).
__________________
(١) أخرجه الترمذي (٥ / ٣٧٠) كتاب «تفسير القرآن» باب : ومن سورة الزمر (٣٢٣٦) ، والحاكم (٢ / ٤٣٥) كتاب «التفسير» ، والحميدي (١ / ٣٣ ـ ٣٤) (٦٢) ، وأحمد (١ / ١٦٤ ، ١٦٧) ، وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٥ / ٦١٣ ـ ٦١٤) ، وعزاه إلى عبد الرزاق ، وابن منيع ، وابن مردويه ، وأبو نعيم في «الحلية» ، والبيهقي في «البعث والنشور».
قال الترمذي : هذا حديث حسن صحيح. قال الحاكم : صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه.
(٢) ينظر : «الكشاف» (٤ / ١٢٨) ، و «المحرر الوجيز» (٤ / ٥٣١) ، و «البحر المحيط» (٧ / ٤١١)
(٣) أخرجه الطبري في «تفسيره» (١١ / ٥) برقم : (٣٠١٤٥) عن قتادة ، وبرقم : (٣٠١٤٦) عن ابن زيد وذكره البغوي في «تفسيره» (٤ / ٧٩) ، وابن عطية في «تفسيره» (٤ / ٥٣١) ، وابن كثير في «تفسيره» (٤ / ٥٣) ، والسيوطي في «الدر المنثور» (٥ / ٦١٥) ، وعزاه لعبد الرزاق ، وعبد بن حميد ، وابن أبي حاتم عن قتادة.
(٤) أخرجه الطبري في «تفسيره» (١١ / ٦) برقم : (٣٠١٥٠) ، وذكره ابن عطية في «تفسيره» (٤ / ٥٣٢) ، وابن كثير في «تفسيره» (٤ / ٥٣) ، والسيوطي في «الدر المنثور» (٥ / ٦١٥) ، وعزاه لابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، وابن مردويه ، والبيهقي في «الأسماء والصفات».