وقوله تعالى : (لِيُكَفِّرَ) يحتمل أن يتعلّق بقوله : (الْمُحْسِنِينَ) أي : الذين أحسنوا ، لكي يكفّر ؛ وقاله ابن زيد (١) ، ويحتمل أن يتعلّق بفعل مضمر مقطوع مما قبله ؛ تقديره : يسّرهم الله لذلك ؛ ليكفّر ، لأنّ التكفير لا يكون إلا بعد التّيسير للخير.
(أَلَيْسَ اللهُ بِكافٍ عَبْدَهُ وَيُخَوِّفُونَكَ بِالَّذِينَ مِنْ دُونِهِ وَمَنْ يُضْلِلِ اللهُ فَما لَهُ مِنْ هادٍ (٣٦) وَمَنْ يَهْدِ اللهُ فَما لَهُ مِنْ مُضِلٍّ أَلَيْسَ اللهُ بِعَزِيزٍ ذِي انْتِقامٍ (٣٧) وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللهُ قُلْ أَفَرَأَيْتُمْ ما تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ إِنْ أَرادَنِيَ اللهُ بِضُرٍّ هَلْ هُنَّ كاشِفاتُ ضُرِّهِ أَوْ أَرادَنِي بِرَحْمَةٍ هَلْ هُنَّ مُمْسِكاتُ رَحْمَتِهِ قُلْ حَسْبِيَ اللهُ عَلَيْهِ يَتَوَكَّلُ الْمُتَوَكِّلُونَ (٣٨) قُلْ يا قَوْمِ اعْمَلُوا عَلى مَكانَتِكُمْ إِنِّي عامِلٌ فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ (٣٩) مَنْ يَأْتِيهِ عَذابٌ يُخْزِيهِ وَيَحِلُّ عَلَيْهِ عَذابٌ مُقِيمٌ (٤٠) إِنَّا أَنْزَلْنا عَلَيْكَ الْكِتابَ لِلنَّاسِ بِالْحَقِّ فَمَنِ اهْتَدى فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّما يَضِلُّ عَلَيْها وَما أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِوَكِيلٍ (٤١) اللهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِها وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنامِها فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الْأُخْرى إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (٤٢) أَمِ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللهِ شُفَعاءَ قُلْ أَوَلَوْ كانُوا لا يَمْلِكُونَ شَيْئاً وَلا يَعْقِلُونَ (٤٣) قُلْ لِلَّهِ الشَّفاعَةُ جَمِيعاً لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ)(٤٤)
وقوله تعالى : (أَلَيْسَ اللهُ بِكافٍ عَبْدَهُ) تقوية لنفس النبيّ صلىاللهعليهوسلم ، وقرأ حمزة والكسائيّ : «عباده» (٢) يريد الأنبياء ، وأنت يا محمّد أحدهم ، فيدخل في ذلك المؤمنون المطيعون والمتوكّلون على الله سبحانه.
وقوله سبحانه : (وَيُخَوِّفُونَكَ بِالَّذِينَ مِنْ دُونِهِ) أي : بالذين يعبدون ، وباقي الآية بيّن ، وقد تقدّم تفسير نظيره.
وقوله تعالى : (فَمَنِ اهْتَدى فَلِنَفْسِهِ) ، أي : فلنفسه عمل وسعى ، ومن ضلّ فعليها جنى ، ثم نبّه تعالى على آية من آياته الكبرى ، تدلّ الناظر على الوحدانيّة ، وأنّ ذلك لا شركة فيه لصنم ، وهي حالة التّوفي ، وذلك أنّ ما توفّاه الله تعالى على الكمال ، فهو الذي يموت ، وما توفّاه توفّيا غير مكمّل فهو الذي يكون في النّوم ، قال ابن زيد : النوم وفاة
__________________
(١) ذكره ابن عطية في «تفسيره» (٤ / ٥٣٢)
(٢) ينظر : «السبعة» (٥٦٢) ، و «الحجة» (٦ / ٩٥) ، و «معاني القراءات» (٢ / ٣٣٨) ، و «شرح الطيبة» (٥ / ١٩٨) ، و «العنوان» (١٦٥) ، و «حجة القراءات» (٦٢٢) ، و «شرح شعلة» (٥٦٧) ، و «إتحاف» (٢ / ٤٢٩)